عرفان رشيد(مدير مهرجان بحر السينما العربية): لا توجد حدود للسينما…
يشرف الفنان العراقي(الكاتب المسرحي والممثل والصحافي والناقد ) عرفان رشيد على تظاهرة بحر “السينما العربية التي تنظمها مؤسسة اورتشينوس اوركا بمسينا بجزيرة صقلية ، وهو يناضل من اجل تقديم العالم العربي في سياقات غير ما تعرضه شاشات التلفزيون، وفي هذا الحوار الخاص يقدم عرفان رشيد الذي شغل سابقا خطة مدير البرمجة العربية في مهرجان دبي السينمائي برنامج open visa الذي ينتظم من 1 إلى 3 أكتوبر القادم بإيطاليا ضمن”بحر السينما العربية”
*كيف تقدم مهرجان بحر السينما العربية الذي سينتظم من 1 الى 3 اكتوبر؟
هو برنامج open visa من بحر السينما العربية الذي يبلغ سنته العاشرة وقد حان الوقت لترسيخ هذه التظاهرة ، من اجل ذلك سيخرج المهرجان من معقله بمسينا(جزيرة صقلية) ليكون متحركا في عدد من المدن الايطالية لتقديم الفيلم الوثائقي في البلدان العربية بصرف النظر عن لغتها، فضلا عن تسليط الضوء على الفيلم القصير
يهمنا ان يدرك الجميع انه لا توجد حدود تمنع حركة الأفكار والفن ولا يمكن إقامة حواجز بين ضفتي المتوسط
*هل الايطالي مستعد اليوم لتقبل هذا الطرح بعد صعود اليمين المتطرف الى السلطة؟
اولا الهجرة ليست ظاهرة تهم الافارقة والعرب دون غيرهم من البشرية، ربما يغيب عن الاذهان ان 61مليون يهاجرون سنويا في العالم، وحركة الهجرة في المتوسط جزء يسير مما يحدث لا يتجاوز عددهم مليون ومائتي ألف
القضية إذن ليست قضية اوروبية بل قضية كونية ولكن كثيرا من السياسيين في القارة العجوز حولوا الهجرة الى قضية سياسية ، وفي ايطاليا تحديدا أصبحت الهجرة رديفا للامن والارهاب ، وحاليا هناك قانون يناقش في مجلس الوزراء ربط بين الهجرة وقضايا الامن أي أنه حول الهجرة من ظاهرة متعددة الجوانب إلى مبحث امني محض وكل مهاجر هو مجرم حتى يثبت عكس ذلك
انا عندما غادرت العراق قبل اربعين عاما تحصلت على التاشيرة لثلاثة بلدان في اقل من 24ساعة لايطاليا وبلغاريا وفرنسا ، لو تقارن مع ما يواجهه اليوم اي طالب للتأشيرة او راغب في السفر حتى للعلاج لن تصدق حجم التضييق والتشدد
لهجرة الحالية من الجنوب الى شمال المتوسط لا ينبغي ان تُسيِّس لاستخدامات انتخابية؛ كما لا ينبغي أيضاً ان يقع العبء بأسره على بلد واحد مثل إيطاليا.. ينبغي ان تكون هناك سياسة أوروبية واضحة حول الهجرة، وظروف الاستقبال الانسانية، وتوفير إمكانيات اندماج من يُقبلون كلاجئين و مهاجرين مقيمين. ترك الحبل على الغارب وتحميل بلد واحد كل مسؤوليات الاستقبال، يولِّد حالات انفجارية ومآسي في عرض البحر كما رأينا خلال الشهور القليلة الماضية، ويوّفر لمناهضي الهجرة مفردات الاستخدام السياسي، الايديولوجي والانتخابي لتحويل صورة المهاجر واللاجيء إلى خطر أمني بحت. لا وجود لسياسة أوروبية واضحة حول الهجرة، وما يُنجز ليس إلاّ ترقيعاً وقتياً او ردّة فعل انفعالية امام مآسي غرق المهاجرين..
في اعتقادي ان قضية الهجرة تحولت الى ورقة انتخابية سنوية ، ومع ذلك نحن نعمل على تجاوز ذلك فالافكار كما يقول يوسف شاهين لها أجنحة تطير ولن يكون بوسع احد إيقافها والسينما أفكار وصور وهي قادرة على تجاوز كل الحدود
سالتني هل الايطالي مهتم ، اجيبك ليس هدفي التعريف بالسينما العربية
ما يهمنا ان نبرز للمشاهد من شباب المدارس والجامعات كيفية تعامل السينمائيين العرب في هذه اللحظة مع الواقع في بلدانهم ، فالسينمائيون يتعاملون مع الواقع الان وهو واقع متحرك على مدار الساعة ومن اجل ذلك لا يوجد ند للفيلم الوثائقي الذي يتحول بمجرد تصويره الى وثيقة تؤرخ لتحولات المجتمع
انت تعرف اكثر مني كيف تهافتت قنوات التلفزيون لتصوير احداث الثورة في تونس لكن هند بوجمعة رصدت في فيلمها “يا من عاش” خيبة الامل التي اصابت الناس اياما قليلة بعد سقوط نظام بن علي
*ماهي ملامح برنامج open visa ؟
انا مع فكرة التراكم الكمي يؤدي تغيير نوعي قالها ذلك الرجل الملتحي الذي يدعى كارل ماركس ، فالهدف ان نخلق رصيدا من الافلام الوثائقية التي ستتيح لنا اعادة النظر وتحليل الواقع العربي المتغير
الجزء الثاني من البرنامج يتعلق بالفيلم القصير روائيا كان او وثائقيا لان الفيلم القصير في العالم العربي تحول الى مدارس حقيقية لصناعة السينمائيين والفيلم القصير لا يجد عموما مساحات مهمة للعرض والترويج
*كم فيلما سيتم عرضه؟
سنعرض بين 12 و15 فيلما وثائقيا طويلا وعددا موازيا من الأفلام القصيرة فكل فيلم طويل يسبقه فيلم قصير ، ستكون الافلام القصيرة مفتحات للافلام الوثائقية الطويلة
سنعرض يوم 1اكتوبر في مسينا “الفرقة” لباقر جعفر وهو يوميات مجموعة من شباب مدينة الثورة في العراق(كانت تسمى مدينة صدام ثم اصبحت مدينة الصدر) لتاسيس مجموعة موسيقية
ويوم 2 اكتوبر سنعرض 4افلام قصيرة تؤشر للتحولات التي تراكمت في البلاد العربية بفعل طغيان الفكر الاصولي ومالاتها : “اية” للتونسية مفيدة فضيلة ،”ابراهام” للعراقي علي كريم، “شحن” لكريم رحباني
كما سنعرض فيلم زيارة السيد الرئيس لسيريل عريس الذي يصور حالة اللامعقول التي تعيشها الدول العربية عند زيارة السيد الرئيس
*هل سيحضر صناع هذه الافلام؟
الوقت ضيق لم يسمح لنا بترتيب حضور صناع الافلام ونحن فضلنا ان نؤجل ذلك لتنظيم لقاءات للمخرجين مع طلبة المدارس والجامعات خلال العام القادم
*لماذا تغيب الافلام الروائية الطويلة عن برنامج open visa؟
نحن واعون بان الفيلم الروائي الطويل له مجالات واسعة للعرض لذلك فضلنا ان نبتعد عن الهليلة والنجومية، همي ان يتحدث الفيلم اولا ، ان يعبر المخرج عبر فيلمه ، فنحن في حاجة الى إعادة صياغة مفردات جديدة للحديث عن العالم العربي
*استاذ عرفان انت تقيم خارج وطنك منذ اربعين عاما ، هل مازلت تعتبر نفسك مهاجرا؟
لا انام ليلة واحدة دون ان تكون بغداد في راسي أو إلى جانبي
*هل زوجتك على علم ؟
هي لا تغار من بغداد لانها تعرف معنى العراق بالنسبة الي ، ولكني في الوقت نفسه ادرك قيمة البلاد التي تزوجت فيها وانجبت ابني حيدر ، وحبي للعراق لا يلغي حبي لايطاليا التي احتفلت هذا العام بمرور اربعين عاما على هجرتي اليها