في العالم

بعد أوردوغان،وزير الخارجية الاماراتي في الجزائر

يقوم وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي لدولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، بزيارة للجزائر، اليوم الإثنين 27 جانفي  2020، اعتبرها المراقبون رداً سريعاً على زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

كان الرئيس التركي قد بدأ زيارة عمل وصداقة للجزائر، على رأس وفد كبير، بدأت السبت 25 جانفي ، ودامت يومين كاملين، وتُختتم اليوم، مع بداية زيارة الوزير الإماراتي نفسها.

وعقب المحادثات بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والجزائري عبد المجيد تبون صرح الرئيس الجزائري أمام الصحافيين قائلاً «لدينا اتفاق تام مع الرئيس إردوغان على أن نتبع ما تقرر في برلين وأن نسعى للسلم مع متابعة يومية ودقيقة لكل المستجدات في الميدان».

ومن المقرر، وفق بيان لوزارة الشؤون الخارجية في الجزائر، أن يجري عبدالله بن زايد محادثات مع وزير الشؤون الخارجية صبري بوقادوم، كما سيخصه باستقبالٍ الرئيسُ عبدالمجيد تبون وكذلك رئيس الوزراء عبدالعزيز جراد في آخر الزيارة.

وكان سامح شكري، وزير الخارجية المصري، قد زار الجزائر على رأس وفد رفيع المستوى قبل أسبوعين، كما شارك في اجتماع دول جوار ليبيا قبل عدة أيام.

فتِّش عن الملف الليبي

أشار بيان لوزارة الشؤون الخارجية إلى أن زيارة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي ستكون فرصة لتبادل الرُّؤى حول المسائل الإقليمية، كما أن وزير الخارجية صبري بوقادوم سيبحث مع نظيره الإماراتي الوضع في ليبيا.

وأوضح البيان أيضاً أن زيارة الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان «تندرج في إطار علاقات الأخوة التي تربط البلدين الشقيقين، وستسمح بتقييم التعاون الثنائي بجميع أبعاده، ودراسة آفاق تعزيزه، خاصة في مجالي الشراكة والاستثمار».

كما ستشكل هذه الزيارة، حسب البيان ذاته، «فرصة للوزيرين لتبادل الرؤى حول المسائل الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، خاصةً الوضع بليبيا في ضوء التطورات الأخيرة التي يشهدها هذا البلد الجار».

كما أن اللقاءات التي سيجريها ممثل الإمارات خلال الزيارة تأتي وفق بيان الخارجية الجزائرية، لدراسة «مساعي الجزائر والأطراف الدولية الفاعلة لإيجاد حل سياسي يضع حداً للأزمة الليبية عبر الحوار الشامل بين الأطراف الليبية بعيداً عن أي تدخل أجنبي».

وكان وزير الخارجية الجزائري، صبري بوقادوم، قد قام بجولة خليجية، في 14 جانفي 2020، شملت الإمارات والمملكة السعودية؛ لبحث الملف الليبي.

 

«حرَّكتها زيارة أردوغان».. وقد يكون هناك حراك خليجي أكبر

الزيارة التي يقوم بها وزير الشؤون الخارجية الإماراتي حرَّكتها زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للجزائر، حسبما يرى الإعلامي الجزائري عبدالنور جحنين.

واعتبر جحنين أن الزيارة التي نُظمت بشكل سريع ومفاجئ، جاءت لتردَّ على تركيا بتأكيد أن الدور الإماراتي في المنطقة لا يزال حياً، ولا يمكن أن يقوم أردوغان بأي محاولة للعب بالملفات الحساسة بالنسبة للإمارات في المنطقة، خاصةً الملف الليبي، بعيداً عن أعين أبوظبي».

وقال عبدالنور جحنين لـ «عربي بوست»، إن «الإمارات تدرك جيداً تبعات الزيارات التي يقوم بها أردوغان، وحجم التأثير الذي قد يخلفه بالدول التي يحط بها، وأدناها دعم المواقف ورص الحلفاء لتركيا».

ويتوقع «أن تكون هناك زيارة رسمية رفيعة المستوى، تمثل الإمارات العربية المتحدة أو السعودية، في الأيام القليلة القادمة، للجزائر، رداً على زيارة أردوغان ومحاولة التأثير على بوصلة الجزائر تجاه الملف الليبي».

تهديد إماراتي أم ترغيب؟

يرى عبدالقادر سحنوني أستاذ العلوم السياسية في الجزائر، أن «زيارة الوزير الإماراتي إحدى الوسائل التي تعتمدها الإمارات للتأثير على التقارب الجزائري-التركي.

ولا يختلف اثنان على وجود تقارب كبير في الرؤى بين الجزائر وتركيا، خاصة في ملف ليبيا، بدعمهما لحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج، ومساعيهما لدحر الحلم الحفتري للسيطرة على العاصمة طرابلس»، حسب تصريحات سحنوني لـ «عربي بوست».

ويضيف: «فالجزائر قالتها علناً بأنها تعتبر العاصمة الليبية طرابلس خطاً أحمراً، وتركيا مستعدة لدعم حكومة الوفاق بالجند والعتاد؛ لصد هجمات المشير خليفة حفتر؛ ومن ثم فإن لهما الاتجاه نفسه في الملف الليبي».

هذا التقارب سيزداد مع الزيارات الرسمية لمسؤولي البلدين، حسب سحنوني الذي يرى  أن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون لن يتأخر في إجراء زيارة رسمية لتركيا قريباً؛ لتمتين هذا التقارب».

ويتابع: «الإمارات ومعها الجهات الداعمة لخليفة حفتر، ستبذل قصارى جهدها للضغط والتأثير على هذا التقارب، ولا يمكن إدراج زيارة بن زايد اليوم إلا في خانة محاولة خلخلة العلاقة التركية-الجزائرية وتقارب الرؤى حول الملف الليبي».

تركيا والإمارات وجهاً لوجه في الجزائر

ليس من باب الصدف أن يكون وزير الشؤون الخارجية الإماراتي بالجزائر، في اليوم نفسه الذي سيُنهي فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارته للجزائر والتي دامت يومي 26-27 جانفي 2020.

ولذلك فهاتان الزيارتان في نظر الإعلامي عبدالنور جحنين يمثلان «صداماً دبلوماسياً تركيّاً-إماراتياً على أرض الجزائر، ويدور أساساً حول الصراع الدائر على الأرض الليبية من سنوات»، حسبما يقول جحنين لـ «عربي بوست».

ويضيف أن من يملك دبلوماسية قوية وعلاقات أقوى وسياسة أنضج هو من بإمكانه فرض رأيه، أو على الأقل إقناع الجزائر برأيه».

ما الذي دار في مباحثات أردوغان بالجزائر وأقلق الإمارات لهذا الحد؟

بلغ التقارب التركي-الجزائري في الملف الليبي مستويات عالية، وصلت لحد قلب الموازين السياسية وحتى العسكرية على الأرض الليبية، بحسب المحلل السياسي مراد سراي.

وقال سراي لـ «عربي بوست»، إن المخابرات الإماراتية قد تكون على دراية بما توصلت إليه المحادثات التركية-الجزائرية خلال زيارة الرئيس أردوغان.

تركيا هي الداعم الرئيسي لحكومة السراج/رويترز

«ولو توقَّف التنسيق التركي-الجزائري عند التعاون الاقتصادي والمبادلات التجارية في المنتدى الاقتصادي بين البلدين، لما كانت هذه الزيارة السريعة والمفاجئة للوزير الإماراتي»، حسب سراي.

ويعتقد أن الطرف التركي ربما توصل إلى تليين الموقف الجزائري بخصوص منع التدخل العسكري في ليبيا، لمصلحة النظرة التركية، وهو ما لا يُرضي أو يخدم الإماراتيين.

الإعلامي جحنين عبدالنور توقَّف عند هذه النقطة بالقول: «ظاهر الاتفاق بين الجزائر وتركيا بشأن الملف الليبي يبدو متوقفاً عند احترام مخرجات منتدى مؤتمر برلين، لكن التقارب التركي-الجزائري وصل إلى مرحلة متقدمة، وقد يتوسع ليشمل التنسيق الأمني في المنطقة ككل».

هذه الخطوات والمقاربات أرغمت الإمارات، حسب جحنين، على بحث سبل لإفساد الاتفاق المحتمل، الذي إن تم فسيقضي على أحلامها التوسعية في المنطقة، من خلال عزل المشير خليفة حفتر.

هل ينعكس التقارب التركي الجزائري على الأرض الليبية؟

المحلل الأمني باقي عبدالسلام يستبعد الحديث عن الحل العسكري وجود مساهمة علنية للجزائر في الوقت الراهن، رغم أن التقارب التركي-الجزائري فإنه سيكون في نظره له تأثير على الميدان بشكل أو بآخر.

ويقول «باقي» لـ «عربي بوست»: «ما هو مؤكد هو أن الجزائر ستبقى داعمة لحكومة الوفاق بكل السبل، وبما أن تركيا لها المنظور نفسه، فالجزائر لن تتوانى عن مساعدة ليبيا للوصول إلى مرحلة الهدوء».

لكن ذلك لن يتحقق في نظره «إلا بعد استنفاد كل الطرق الدبلوماسية والسياسية من خلال مراعاة الحوار، وتمديد وقف إطلاق النار، والاعتماد على مخرجات المنتديات الدولية».

وأردف قائلاً: «الجزائر حمَّلت المجتمع الدولي مسؤولية ما يحدث في ليبيا، كأن لسان حالها يقول: لا لوم علينا إن قمنا بدور ميداني هناك».

«ومن ثم، في حالة فشل السبل السياسية والحل السلمي، فالجزائر ستكون إلى جانب تركيا في ليبيا»، حسب توقُّعه.

ويرى المحلل السياسي مراد سراي أن خليفة حفتر بتهوره لن يطيل الهدنة ووقف إطلاق النار،  لأنه مؤمن بأن الحل السياسي لن يصب في مصلحته أو مصلحة الدول التي تدعمه.

وهو الأمر الذي قد يضع الجزائر أمام الخيار الذي تريد تجنُّبه وهو دعم حكومة الوفاق أو على الأقل تسهيل وصول الدعم التركي لها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.