في العالم

رجل “الاتفاق الأخير” الذي فاجأ الليبيين.. من هو أحمد معيتيق؟

منذ 2016، يتولى معيتيق منصب نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي.
منذ 2016، يتولى معيتيق منصب نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي.

بينما كان الفشل يخيم على المحادثات التي استمرت عدة أيام، وأجراها قائد قوات شرق ليبيا، خليفة حفتر، بهدف إنهاء الحصار النفطي، تفاجأ الجميع بـ “الاتفاق الأخير” الذي سمح باستئناف إنتاج النفط، وكان بطله سياسي كبير في طرابلس، يبدو أن الليبيين لم يتوقعوا قدرته على إحدث هذا الاختراق.

وفي بيان، قال أحمد معيتيق، نائب رئيس حكومة الوفاق الوطني، إنه تقرر استئناف إنتاج النفط، مضيفا أن هذا سيشمل لجنة جديدة لضمان التوزيع العادل للإيرادات.

هذه اللجنة، بحسب معيتيق، ستنسق بين حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا، ومقرها طرابلس، وما يعرف بـ”الجيش الوطني الليبي” الذي يسيطر على شرق البلاد، لإعداد ميزانية، وتحويل الأموال لتغطية المدفوعات، والتعامل مع الدين العام، وهو الأمر الذي لطالما طالب به معسكر حفتر في مفاوضات سابقة.

هذا الاتفاق الذي يبدو سهلا في كتابته أو الحديث عنه، لم يستقبله اللاعبون السياسيون في ليبيا بنفس السهولة، لكنه “نجح” كما يقول الباحث السياسي الليبي محمد السلاك.

طموح سياسي

وأضاف السلاك لموقع “الحرة”: “أظن أن النجاح في إعادة تصدير النفط هي رغبة ملحة لدى كثير من الساسة والمسؤولين خاصة بعد تعثر بعض المحاولات الإقليمية والدولية”.

وتثار التساؤلات بشأن هذا “النجاح المنفرد” لمعيتيق بعد شبه قطيعة سياسية استمرت 6 سنوات بين طبرق في الشرق الممثلة لمعسكر حفتر، وطرابلس في الغرب الممثلة لرئيس حكومة الوفاق فايز السراج.

ومنذ عام 2014، هناك حكومتان وبرلمانان في البلاد.

ومنذ 2016، يتولى معيتيق منصب نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، وهو مؤسسة تنفيذية. وفي نفس العام، قدم معيتيق إقرار ذمته المالية المقدر بـ700 مليون دينار  (أكثر من 500 مليون دولار أميركي).

كما كانت له محاولة في تولي رئاسة الوزراء في ماي 2014 لكنها سرعان ما باءت بالفشل.

ويقول بعض المراقبين إن الاتفاق الأخير مع حفتر قد يشير إلى رغبة معيتيق في محاولة ثانية لتولي رئاسة الوزراء، خاصة بعد أن أعلن السراج رغبته في تسليم مهامه بنهاية أكتوبر المقبل.

لكن محمد الأسمر، رئيس مركز الأمة الليبي للدراسات الاستراتيجية، يظن أن معيتيق لا يسعى لرئاسة الحكومة، بل “يفضل أن يكون رئيسا أو نائب رئيس كما هو حاليا، إلا أن المحاصصات المناطقية قد لا تمكنه من ذلك، وبالتالي فهو يسعى باتفاقه الأخير مع حفتر إلى اكتساب شعبية جماهيرية قد تساعده في انتخابات مقبلة”.

ويقول السلاك، الذي كان يتولى منصب المتحدث باسم رئيس المجلس السياسي: “أعتقد أن معيتيق مدفوع بطموح سياسي أكثر من أي شيء آخر”.

قوة مصراتة

وفي المقابل، يستبعد الصحفي الليبي رمضان التايب هذه الرغبة السياسية لمعيتيق.

وبالنظر إلى المفاوضات الجارية بين الأطراف المتنازعة في ليبيا التي تحاول الاتفاق على إجراء انتخابات وتحديد معايير للمرشحين لتولي مجالس تنفيذية وتشريعية مختلفة، يعتقد التايب في حديث مع “موقع الحرة” أن “معيتيق لا يتمتع بأي شعبية، مثله مثل كل أعضاء المجلس الرئاسي، غير مقبولين اجتماعيا، لكن كل عضو يعتمد على القوة المسلحة التي ينوب عنها أثناء إبرام أي اتفاق السياسي”.

وفي حالة معيتيق، فإن القوة المسلحة التي ينوب عنها معيتيق تمثل مدينة مصراتة.

وعلى موقعه الرسمي، يُشار إلى معيتيق بـ”السياسي الليبي الذي يحمل رؤية واضحة وعميقة لإصلاحات مستقبل مزدهر لليبيا، مع وضع خطط راسخة للإصلاح الاقتصادي، من خلال ضمان الوفاء بالاحتياجات الحيوية للمواطنين الليبيين”.

إقرار الذمة المالية  لمعيتيق عام 2016 بلغ أكثر من 500 مليون دولار أميركي.
إقرار الذمة المالية لمعيتيق عام 2016 بلغ أكثر من 500 مليون دولار أميركي.

ولد معيتيق عام 1972، وتخرج من مركز الدراسات التجارية الدولية بالجامعة الأوروبية بمدينة بارما الإيطالية، كما حصل على شهادة في الدراسات الاقتصادية العالمية من جامعة لندن (1994).

وبعد انتهاء دراسته، عاد إلى ليبيا لإدارة “شركاته العائلية في مجال البناء والتطوير العقاري”. وهو عضو في مجلس الأعمال الليبي الذي يعمل على زيادة فعالية دور القطاع الخاص في تنمية الاقتصاد الليبي.

ومن البوابة الاقتصادية، دخل معيتيق المعترك السياسي، بعد سقوط نظام القذافي، ففي عام 2013، أصبح مستشارا اقتصاديا للمؤتمر الوطني العام، وهو البرلمان الليبي الموازي في طرابلس.

ويقول معيتيق إن اهتمامه الرئيس ينصب “على الوصاية على برامج التنمية الاقتصادية والعلاقات الدولية والمصالحة الوطنية والتعمير، كما هو محدد في الاتفاق السياسي الليبي الذي وقع في الصخيرات في ديسمبر 2016”.

“أذكى من السراج”

وقد عمل معيتيق على تعزيز هذا “الطموح السياسي” منذ ثلاثة أشهر، حينما حاول أن يظهر في صورة “مُصلح الوفاق أو الساعي للتواصل مع الآخر”، حسبما يصف الأسمر في حديثه لموقع “الحرة”.

ففي جوان  الماضي، وعشية زيارة السراج إلى تركيا الداعم الأساسي لحكومة الوفاق، اتجه معيتيق إلى روسيا التي تساند معسكر حفتر.

كما نشب بين الرجلين خلاف، في اوت  الماضي، فيما يتعلق بالمؤسسة الليبية للاستثمار، وهي الصندوق السيادي لليبيا الذي يدير مليارات الدولارات.

إردوغان والسراج في إسطنبول في وقت سابق من الشهر الجاري.
إردوغان والسراج في إسطنبول في وقت سابق من الشهر الجاري.

يقول الأسمر: “معيتيق يحاول إبراز نفسه كبديل، وكشاب صاحب عقلية اقتصادية يمكن أن ينقذ المشهد الليبي ويتفوق على السراج بشعبية مدينته مصراتة”.

وأضاف “معيتيق يريد حتما أن يكون الشريك الأساسي في المحاورات التي يتداولها الآن جميع الأطراف، برعاية الأمم المتحدة والولايات المتحدة، من المغرب إلى مونترو في سويسرا إلى ألمانيا وصولا إلى جنيف، وبالتالي هو كان أكثر ذكاء من السراج في محاولته الظهور بصورة متعاونة مع الطرف الآخر، وبترتيبات دولية”.

وربما يعكس التغير في موقف المؤسسة الوطنية للنفط، التي سبقت إعلان اتفاق إنهاء الحصار بقولها إنها ليست طرفا فيه ثم أقرته ورفعت “القوة القاهرة” عن المنشآت النفطية، أهمية الدور الذي لعبه معيتيق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.