اول الكلام

طفولة

 عندما انطلقت رحلتي الطويلة والمضنية لاختيار الروضة المناسبة لابني، فوجئت بأن أغلب الرياض كانت تغري الأمهات باستعراض برنامجها التعليمي… الكثير من الدروس وسباق محموم لإقناع الأولوياء بأن هذه الروضة أو تلك تقدم للأطفال مستوى جيدا من تعلم اللغة الفرنسية والإنجليزية، أو أنها الضامن الوحيد للتسجيل في إحدى المدارس الخاصة المعروفة التي تشترط أن يكون طفل الخمس أو الست سنوات متمكنا من اللغة الفرنسية، يقرأ ويكتب جيدا، يعرف الأرقام والحروف!!!

هذه الرياض استبعدتها من مجال اختياري لأني كنت أبحث عن روضة يقوم فيها طفلي بنشاطات تنمي فيه الذكاء والحس بالجمال، وأذكر أني قلت لمديرة إحدى الرياض “مانيش نفكر باش يتخرج ولدي بيلوط في آخر العام”

هناك سوء فهم من بعض الرياض وبعض الأولوياء أيضا لاحتياجات أطفال الثلاث أو الأربع سنوات… أطفال في هذه السن يجبرونهم على الجلوس في المقاعد بمنتهى الانضباط والهدوء والتركيز ليتعلموا اللغات، وقراءة الحروف وكتابتها، هل هذا طبيعي؟

يؤكد علماء النفس أن طفل ما بين ثلاث وخمس سنوات يحتاج كثيرا إلى اللعب، ولا ضرر من أن يتعلم بعض الأشياء وهو يلعب… أن يميز بين الألوان أو يتعلم الحروف والأرقام والأشكال وهو يلعب… يحتاج الطفل في هذه السن لأن يكون في محيط مليء بالأطفال يشاركهم اللعب… يحتاج الطفل في هذه السن إلى الكثير من الألوان وإلى نشاطات مثل الرسم والرقص والبريكولاج وممارسة الرياضة و… يحتاج الطفل في هذه السن للخروج في جولة في المساحات الخضراء الممتدة وهي نادرة في بلادنا التي تحمل خطأ لقب “الخضراء”… يحتاج إلى هواء نظيف وإلى مشاهدة الحيوانات واكتشافها، أما الدراسة فليس وقتها، وحبس طفل داخل فصل وإجباره على التعلم له آثاره السلبية على المدى البعيد، عندما يمل الدراسة وهو في المعهد فتتأثر نتائجه وإن كان من المتفوقين في المدرسة

رفقا بأطفالنا رجاء… لا تضغطوا عليهم بإجبارهم على الدراسة والتعلم مبكرا، فسيتعلمون كل شيء لكن في أوانه… ساعدوا أطفالكم على الاستمتاع بطفولتهم ولا تتعجلوا كبرهم، فهم أصلا يكبرون بسرعة وطفولتهم لن تعود إذا حرموا منها أو قفزوا عليها بتخطيط من الآباء والأمهات…

كوثر الحكيري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.