اول الكلام

الدكتور عبد الرزاق الحمامي يكتب عن”BIG BOSSA”

مسرحية BIG  BOSSA من تأليف وجيهة الجنوبي واخراجها وهي مغامرة أقبلت عليها بحكم تجربتها و خبرتها في المجال، وهو ما يفسر إقبال الجمهور على المسرح البلدي ساعة قبل بداية العرض،ومشاهدة مسرحية من نوع الوان مان شو ،جمهور من الجنسين مع تفوق للعنصر النسائي ،ومن كل الأعمار ثقة منه في مشاهدة عمل فني راق بعيد عن التهريج والاسفاف،وقد حكم بعضهم وبعضهن على نفسه بالفشل ومقاطعة الجمهور،عندما فهم الوان مان شوء،انه سلسلة من النكت الرقيعة والعبارات الجنسية المغلفة.

تبدأ المسرحية بالقسم وتختتم بالاستفتاء المباشر من قبل الجمهور عن طريق برقية sms تعلم الموظفة البسيطة انه تم تعيينها وزيرة في مرحلة وزراء الصدفة،ومن هنا ينطلق النقد لواقع المجتمع التونسي،وتفكيكه بمبضع جراح ماهر،استعرض العادات والتقاليد من الحياة الزوجية إلى الإدارة، ومن قضية فلسطين إلى العمل الجمعياتي،وقضية الإرهاب ووفود مشايخ الشرق لاسلمة المجتمع،ومسألة الحجاب،مرورا بعوالم المرأة التي يجهلها الرجل مثل السلوك داخل صالون حلاقة للنساء او حمام النساء اوحتى التصرف في الفريب،سوق الملابس المستعملة،يسترسل النص من مشهد إلى آخر والقفلة في كل لوحة بالتركيز على محافظة الوزيرة على هيبة الدولة،وهي تتخيل ما ستقوم به من مشاريع كلها شكلية ولا علاقة لها بوظيفتها في خدمة المواطن والوطن.كل ذلك بأسلوب ساخر.

بذلت وجيهة الجندوبي كل ما أوتيت من طاقة تعبيرية بقسمات الوجه وبحركات الجسد وبتنويع طبقات الصوت ،والايحاء والرمز دون سقوط في شعبوية ممجوجة لتوصل رسالة إيجابية للمتفرج الذي انسجم مع العرض انسجاما كليا،ومما ساهم في نجاح المسرحية التوضيب الركحي والإخراج، فإلى جانب الإنارة ولعبة الاضواء،تم توظيف الخلفية سينمائيا،بعرض مشاهد تواكب النص المسرحي واذا بالصورة تدعم أقوال الممثلة وتشد انتباه المتفرجين.لقد تجاوز زمن العرض الساعتين تقريبا وكنت أتساءل كيف ستكون الخاتمة؟وهنا كانت المفاجأة الذكية إذ اقترحت وجيهة استفتاء فوريا بواسطة الهواتف لتحديد موقف الناس من مواصلة وظيفتها وزيرة او عزلها بكتابة Dégage وكانت الأغلبية تدعو إلى عزلها وهنا تودع الجمهور وتنتهي المسرحية،وهذه حيلة فنية مبتكرة تحسب لها فنتيجة الاستفتاء ظهرت على الشاشة ولا شك في انها جاهزة من قبل لتكون الخاتمة.

ملاحظة أخيرة حول سبب آخر من أسباب نجاح المسرحية في نظري،التفاعل المباشر مع الجمهور ،والرد على تعليق ما او إشراك متفرجة في نسق الحدث،بل دعوة أحدهم إلى الطعام وقد هم بالمغادرة لسبب ما،وكانت الممثلة تصف وليمة تونسية بمناسبة زواج،وقد نقدت سلوكنا في الأفراح والاتراح هزليا. وقارنت بين طبقتين من المجتمع،كما قارنت بين مضمون الغزل بالمرأة في اللهجة اللبنانية الشاعرية واللهجة الرجالية التونسية المباشرة،مع توظيف ما يرافق ذلك من حركات…

مسرحية تضاف إلى الرصيد الثري للفنانة وجيهة الجنوبي واقترح عرضها في مختلف ولايات الجمهورية حتى لا تقتصر المتعة على جمهور العاصمة وضواحيها.وما ذكرت الا بعض مضامينها حتى لا احرمكم من متعة الاكتشاف عندما تقبلون على مشاهدتها.

 

عبدالرزاق الحمامي،

أستاذ جامعي متقاعد،درّس من 1974 إلى 2021

كتب سنوات طويلة في جريدة البيان الاسبوعية، في مجال النقد الفني بإسم”علي بلحاج”

أنتج وقدم عدة برامج في الإذاعة التونسية

. من مؤلفاته: * الفكر الاسلامي في تونس

*المدينة المنورة والرحالة  الغربيون *المرأة بين الحقيقة والتاويل.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.