الرئيسيةثقافة وفنون

لقاء “زياد غرسة” ولينا شماميان في “عرس الطبوع 2”: محاولة واحدة لا تكفي

كان كل شيء يشي بليلة استثنائية: جمهور كبير العدد، سميع، ومحب للموسيقى والطبوع التونسية ملأ المسرح البلدي بالعاصمة منذ السابعة والنصف مساء، فرقة تضم خيرة العازفين في تونس بقيادة “محمد الأسود”، “يختبئ” بين عناصرها “سامي بن سعيد” صانع اللغة المجددة في “الطبوع التونسية” في النسخة الثانية من “عرس الطبوع”، واثنين من أجمل الأصوات الأول خريج المدرسة التونسية الأصيلة ولا ينافسه أحد في آداء اللون التونسي وسيطرته على أصعب المقامات، ولثانية صوت شامي دمشقي، يمتلك المعرفة ولكنه عندما يغني يسمو بالروح، صوت دافئ لا تمل سماعه. تبدو قصة اللقاء بين “زياد غرسة” و”لينا شماميان” مستحيلة، فهما لا ينتميان للمدرسة نفسها، لكن هذا المستحيل قام “محمد الأسود” مع “سامي بن سهعيد” بترويضه ليصبح ممكنا، وغنت “لينا” مع “زياد” “نوبة الخضراء” لخميس ترنان بمنتهى الإحساس والتناغم استطاع أن يثبت فيها “زياد غرسة” أنه متمكن من تقنيات الطبوع التونسية متفاعلا مع التوزيع والتنفيذ الأركسترالي للنوبة، أما “لينا” فقد استطاعت أن تتخطى امتحانها بفضل صوتها وإحساسها

 

 

بسماعي أصبعين للفنان “محمد سعادة” افتتحت الفرقة الوطنية للموسيقى النسخة الثانية من “عرس الطبوع” وخلافا لما كان متوقعا، لم تكن السهرة ثنائية بل تناصفية بمعنى أن “لينا شماميان” و”زياد غرسة” اجتمعا في نوبة الخضراء فقط عندما انتهت وصلة “زياد” وانطلق القسم الخاص ب”لينا” التي اكتفت بدورها بآداء أغنيتين تونسيتين: “كي يضيق بيك الدهر” للصادق ثريا التي سبق لها غناؤها في جولتها بين المهرجانات التونسية الصيف الماضي و”جيبولي خالي” التي حققت من خلالها نجاحا كبيرا في مهرجان قرطاج مرفوقة بالطبلة والزكرة مع العازفة “سمر بن عمارة”، كما غنت إنتاجا جديدا من تلحين “محمد الأسود” وكلمات مدير أعمالها “ماهر صبرة” بعنوان “وحياتك” وهي أشبه بالتحية التونسية الدمشقية لكنها معدة على عجل

عدى ذلك غنت إنتاجها الخاص أو ما عرفت به : “لما بدى”، “بالي معاك” إضافة إلى صولو_ ترنيمة “يلا تنام” باللغتين العربية والأرمنية عزفت فيه على آلة السنسولة الأرمنية

 

 

أما “زياد غرسة” فقد كان سيد النصف التونسي من الحفل، متمكنا من لونه الذي لم يتأثر بلمسة التجديد في عملية التوزيع الأوركسترالي، غنى وصلة من المالوف متبوعة بعدد من الأغاني في طبع الأصبعين: “لا نمثلك بالشمس ولا بالقمرة” لمصطفى الشرفي، “بحذا حبيبتي”، “يا محسونة” للهادي الجويني وإنتاجه الخاص” “علاش تحير في”، وغادر الركح والجمهور لم يرتو بعد من أغانيه وصوته التونسي المعتق

لقاء “لينا شماميان” و”زياد غرسة” في “عرس الطبوع 2” مع الفرقة الوطنية للموسيقى بقيادة “محمد الأسود” كان استثنائيا موسيقيا، لكنه لم يستطع أن يقرب المسافة بين صوتين ينتميان إلى عالمين مختلفين، فمحاولة واحدة لا تكفي

 

كوثر النوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.