اول الكلام

المقالة السياسية في انتخاب ابراهيم بودربالة عميدا للمحامين

في مثل هذه الفترة من سنة 1998 كان الاستاذ ابراهيم بودربالة رئيسا لفرع تونس للمحامين الذي يضم انذاك 80 بالمائة من العدد الجملي للمحامين و ترشح لمنصب العمادة لكنه لم ينجح في المرور للدور الثاني من التصويت بفارق ثلاثة اصوات عن العميد البشير الصيد ( 313 مقابل 316 ) و في التصويت الثاني فاز العميد عبد الجليل بوراوي الذي امضى على بيان الهيئة الوطنية الداعي نظام بن علي الى اطلاق الحريات في البلاد.
الاستاذ ابراهيم لم ينجح انذاك رغم انه كان في موقع الماكينة ليس نقصا في الكفاءة او في ما يكنه له زملاؤه من احترام بل دفع فاتورة تردي الاوضاع و ضعف اداء مجلس الهيئة الوطنية و العميد في تلك الفترة فكانت ثورة شباب المحاماة على الواقع.
العميد بودربالة لم يستسلم و لم يلق بسلاحه و استمر على الترشح الدوري لخطة العميد و هذه المرة التي صعد فيها هي الثامنة .


مع بداية الالفية الثانية تغيرت المعطيات بعد تاسيس خلية المحامين التجمعيين من قبل المغفور له الاستاذ تاج الدين رحال و اصبح التصويت سياسيا بامتياز و الاستقطاب واضح فكل المحامين المتسيسين وغير المتسيسين ضد مرشحي النظام و ضاعت امال بودربالة في حضرة التطاحن السياسي فصعد للعمادة كل من الاساتذة عبد الستار بن موسى و البشير الصيد في مناسبتين متفرقتين و عبد الرزاق الكيلاني و لم يسبق للزملاء المعتنقين للفكر الاخواني بقيادة ملهمهم الاستاذ نور الدين البحيري ان ساندوا بودربالة من 2001 الى 2016 باستمرار و الذي ظل محافظا على نفس الرصيد الانتخابي تقريبا في حدود 300 صوتا رغم ان عدد المحامين المشاركين في العملية الانتخابية تضاعف اربع مرات في الاثناء.
ابراهيم بودربالة حصل هذه المرة في الدور الاول على ما يفوق 1300 صوتا من 3200 تقريبا و حصل منافسه الاستاذ بوبكر بالثابت على ما يقارب 1400 صوتا و عليه فان اضافة 1000 صوت للخزان الانتخابي لبودربالة بين 2016 و 2019 ليس سببه دعم الاخوان له لان عددهم في حدود 300 بل الحقيقة ان الوضع تعفن الى حد اقتناع المحامين بضرورة الرجوع للمعيار المهني و نفس الاسباب التي اطاحت ببودربالة في 1998 هي التي ساهمت بقسط كبير في نجاحه هذه المرة.
ثلاث عجاف مررنا بها بداية من 2016 مع صعود العميد عامر المحرزي الذي كان اداءه كارثي و تنكر لكل اصدقاءه بما فيهم من اتى به لرئاسة فرع تونس للمحامين ثم للعمادة وهو طبعا العميد شوقي الطبيب و اضحت المحاماة تدار في هذه الفترة بالوكالة من طرف الاستاذة سعيدة العكرمي.
للتذكير فان العميد ابراهيم بودربالة توجهاته الفكرية قومية عربية وهو تيار يتناقض مع فكر الاخوان الذي يتبنى نظرية الامة و لا يعترف بالارض و السيادة الاقليمية و قبل كل هذا فان بودربالة محاميا مهنيا و ذو خبرة و دراية بشؤون المحاماة و اكرمه الله بنيل شرف تتويج مسيرته المهنية بعمادة المحامين.
يكذب من يروج ان ابراهيم بودربالة هو مرشح الاخوان و لو كانوا قادرون و لهم وزن انتخابي مهم لرشحوا احد مناضليهم بل الحقيقة ان الاقرب لهم هو الاستاذ رشاد البرقاش الذي حل في المرتبة الثالثة في انتخابات العميد ب 400 صوت وهو امين المال في الدورة السابقة لكن تخلوا عنه نهائيا ليلة الانتخابات بعد ان رفضت الجلسة العامة التصويت على التقرير المالي لمجلس الهيئة الوطنية للمحامين لوجود شبهات سوء تصرف.
الاخوان ركبوا القطار وهو يسير و عرضوا خدماتهم و صوتوا لبودربالة قصرا و شكر الله سعيهم و غبي من يرفض اصوات تم اهداؤها اليه و المهم ليست الاصوات التي ساهمت في صعود العميد بل الاهم من هو العميد.
ابراهيم بودربالة يتمتع بشخصية قوية و له تكوين مهني و قانوني جد محترما و لا يمكن ان يكون اداة في يد البحيري او العكرمي و لا يشبه في شيء سابقه المغرر به و الذي تم دفعه للمحرقة.
لي قناعة بضرورة اعطاء الاولوية للاصلاح المهني و الناي بالنفس عن التصفية السياسية من داخل القطاع. نحن نختلف و نتنافس لكن المعركة تنتهي باعلان النتائج و لا بد من العمل بما عساه ينفع المهنة بعيدا عن المحسوبية و التعامل بعقلية الغنيمة و ارجو ان تفرز انتخابات اعضاء مجلس الهيئة الوطنية فريقا محترما قادرا على العمل باخلاص للمهنة و في انسجام مع العميد و حظ اوفر للاستاذ بوبكر بالثابت في دورة قادمة.

الاستاذ عماد بن حليمة 7 جويلية 2019

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.