الرئيسيةتونس اليوم

سمير العنابي يترجل، وداعا يا ماتر

فقدت تونس يوم امس الخميس واحدا من رجالها البارزين ، المحامي سمير العنابي الذي كان اول من تقلد خطة رئيس هيئة مكافحة الفساد في مارس 2012 الى تاريخ استقالته مطلع العام 2016

واول ما قام به حين تسلم هذه المهمة هو غلق مكتب المحاماة التي دخل غمارها منذ سنة 1969*لم يتعلل بان له حرفاء وبانه عليه ان يصفي ملفاته كما فعل اخرون ،كان الاستاذ العنابي المؤسس الحقيقي لهيئة مكافحة الفساد التي لم تتجاوز ميزانيتها 400الف دينارا قبل ان تقفز الى عشرات المليارات بعد استقالته منها

مع الاسف لم يدر بخلد من جاء بعده ان يكرمه ولو من باب المجاملة والاعتراف لاحد كبار المحاماة في تونس، فهو من القلائل الذي يجمع في تكوينه بين المدرسة الفرنسية والمدرسة الامريكية

الوالي السابق والمحامي الطاهر برسمة كتب نصا متميزا عن صديقه الراحل سمير العنابي جاء فيه،


انتقل الى رحمة الله الاستاذ سمير العنابي هذا اليوم الذي يقام فيه موكب اربعينية المرحوم الشاذلي القليبي الذي افتقدناه، تاركا فراغا والما في نفوسنا لم نفق منها حتى جاءنا نعي زميلنا في المحاماة.
لم يكن فقيدنا محاميا واستاذا في القانون فقط بل كان خزينة علم ومعرفة وكمًا هائلا من الاخلاق.
عرفته منذ دخولي لمهنة المحاماة، وكان ايامها مشرفا على محاضرات التربص وعضوا بالهيئة الوطنية للمحاماة.
لقد وجدت فيه وقتها الانيس المرشد والمعين الذي سهل لي الاندماج في مهنة جديدة لم اعرف اسرارها بعدما قضيت عشرين سنة في السلطة من معتمد الى وال وواليا للولاة.
لم يكن من السهل عليَّ ان انتقل من السلطة الى تلك المهنة المختلفة في الاجراءات ونظرة العموم وكتبة المحاكم وحتى القضاة.
كان ايامها لي صديقا وزميلا سهلها لي ووفقت في التأقلم معها وكلما احتاجت لاستشارة كنت القاه.
لقد اشتركت معه في التحكيم لمرات في خلافات اختارنا فيها أطرافها تيسيرا لفض النزاع واختصار الآجال، وكان مختصا وخبيرا في ذلك الميدان.
تكلف بعد الثورة بالأشراف على هيئة مقاومة الفساد والحوكمة الرشيدة. وهو الذي وضع حجر الاساس لها، ولكنه لم يعمر فيها طويلا بالنظر الى ظروفه وحالته الصحية التي باتت تحتاج أكثر للراحة والتأمل.
لم يعد لمهنة للمحاماة التي كان في حالة سهو لتضاربها مع المهام الرسمية التي تفرض ذلك.
كان بعدها مواظبا على الجلوس الينا صباح ايام الاحاد في لقاء يجمع كل من الرئيس حسن الممي والسادة حمادي بوصبيع والشاذلي بن يونس ومنير بن ميلاد وعبد الرزاق الادب ورجاء فرحات وفي بعض المرات عبد السلام القلال وكاتب هذه الكلمات.
افتقدناه هذه الايام وعلمنا ان حالته الصحية لم تعد تسمح له بالخروج من اقامته وبات متفرغا لترتيب مكتبته الغنية بالكتب والمراجع المهمة في القانون وفي التاريخ والتجارب حتى جاءنا نعيه هذا الصباح.
لم أقدر ان املك نفسي من البكاء وقررت ان اكتب هذه الاسطر أنعيه فيها وأذكر بالبعض من بخصاله المتعددة التي عجزت عن عدها لكثرتها.
لم يكن محاميا واستاذا جامعيا فقط بل كان انسانا ورجل المهمات الصعبة وكثيرا ما شارك في جمعيات علمية وقانونية وادبية وثقافية، كما ساهم بما تيسر له وكله لوجه الله.
لقد ترك فراغا كبيرا لا يمكن ملؤه بسهولة ولكنها ارادة الله التي لا مرد لها وكلنا لها اليوم او غدا.
لذا فاني اتقدم لعائلته الصغيرة وكل اصدقائه واسرة المحاماة والقضاء بتعازي الحارة راجيا من الله ان ينزل علينا صبره ويسكنه فراديس جنانه. 0

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.