الرئيسيةفي العالم

إسرائيل والامارات:سمن على عسل

يُعتبر الإعلان المفاجئ عن قيام إسرائيل والإمارات العربية المتحدة بالاتفاق على إقامة علاقات كاملة في خطوة “تاريخية” بوساطة الولايات المتحدة، ثمرة سنوات من الجهود الدبلوماسية خلف الستار.

وسعت العديد من دول الخليج إلى بناء علاقات خفية على خلفية العداء المشترك لإيران، بينما تواصل إدارة الرئيس دونالد ترامب حملة ضغوط قصوى ضدها.

في الآتي بعض النقاط الرئيسية حول الاتفاق وتبعاته المحتملة:

كيف وُلد الاتفاق؟

دأبت إسرائيل على مغازلة الدول العربية التي لا تعترف بها، وفي عام 2019 أجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو محادثات مفاجئة في مسقط مع السلطان الراحل قابوس بن سعيد.

وبينما قالت مملكة البحرين إنّ إسرائيل “جزء من تراث هذه المنطقة بأكملها”، استقبلت الإمارات فرقا رياضية إسرائيلية في السنوات الماضية وسمحت لمسؤولين بزيارتها للتحدث في مؤتمرات والتجول في شوارعها.

لكن رغم ذلك، بقيت القوى الإقليمية، السعودية والإمارات، تترددان في الإعلان عن أي تقارب دون إحراز تقدم في حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إلى أن ولد الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي بوساطة أميركية.

وكتب المبعوث الرئاسي السابق بريت ماكغورك على تويتر “قرار تاريخي اليوم من قبل الإمارات وإسرائيل لتطبيع العلاقات بشكل كامل. الاتصالات مستمرة منذ سنوات. الأمر يتطلب شجاعة لاتخاذ هذه الخطوة النهائية. الدبلوماسية تعمل”.

ماذا بعد؟

أشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب للصحفيين إلى أنه من المتوقع حدوث مزيد من الاختراقات الدبلوماسية بين إسرائيل والدول العربية في المنطقة، لكنه لم يذكر تفاصيل أخرى.

وستتجه الأنظار إلى المملكة العربية السعودية ذات الثقل الإقليمي الكبير، علما أنّ موقفها الرسمي يقوم على أن تسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني شرط مسبق لتطبيع العلاقات.

لكن يبدو أن هناك مؤشرات على تقارب محتمل بغض النظر عن ذلك، في تحول يقوده ولي العهد الأمير النافذ محمد بن سلمان.

في 2018، فتحت السعودية مجالها الجوي لأول مرة لطائرة ركّاب متّجهة إلى إسرائيل.

وفي وقت سابق من هذا العام، أعلنت المملكة عن عرض فيلم عن الهولوكوست في مهرجان سينمائي-مهرجان البحر الاحمر- قبل أن يتم إلغاؤه بسبب فيروس كورونا المستجد.

واستضاف العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لأول مرة في الرياض حاخامًا مقيما في القدس. ونشرت وسائل إعلام إسرائيلية صورة للحاخام ديفيد روزن مع الملك سلمان ووصفتها بـ”لحظة ثورية”.

ما هي العوامل المشجّعة؟

الدول النفطية في الخليج جميعها حليفة للولايات المتحدة ولديها مخاوف مشتركة بشأن إيران.

وتأتي الجهود لإحداث تقارب بين الخليج وإسرائيل في الوقت الذي تعزز فيه إيران – العدو اللدود للرياض وواشنطن – نفوذها في العديد من الدول العربية.

لكن بعيدا عن الجوانب السياسية والأمنية، هناك العديد من الدوافع الاقتصادية والمالية لربط دول الخليج الثرية بالاقتصاد الإسرائيلي.

ففي حين أن التوترات مع طهران حافز قوي، يبدو أن المحاولات السعودية لجذب الاستثمارات الأجنبية لتمويل الإصلاحات الاقتصادية الطموحة في رؤية 2030 قد تدفع بالمملكة إلى الاقتراب من إسرائيل.

وقال مارك شناير الحاخام الأميركي الذي تربطه علاقات بالمملكة والخليج لوكالة فرانس برس في مايو “يدرك السعوديون الدور المهم الذي تلعبه إسرائيل في المنطقة”.

وتابع “قبل عامين فقط، أخبرني (الأمير) خالد بن سلمان (نائب وزير الدفاع) أن المملكة تعرف أن إسرائيل جزء لا يتجزأ من تحقيق خطتها الاقتصادية لعام 2030” التي أعلن عنها ولي العهد في 2016.

ما ردة فعل العالم العربي؟

يثير الاتفاق الجديد أسئلة حول مصير مبادرة السلام العربية التي ولدت سنة 2002 برعاية الرياض وتنص على قيام دولة فلسطينية مستقلة ضمن حدود عام 1967 مقابل تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل.

ومن المرجّح أن يتعرّض الاتفاق لانتقادات من قبل بعض الحكومات العربية، بينما تتجدد الانتقادات في الشارع العربي بأن القوى الإقليمية باتت تتخلى عن الشعب الفلسطيني.

لكن الإمارات العربية المتحدة اعتبرت إن الصفقة “خطوة جريئة” لضمان حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود طويلة.

وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش لصحفيين إن “معظم الدول ستعتبر ذلك خطوة جريئة لضمان حل الدولتين وإتاحة الوقت للمفاوضات”.

ويقاطع الفلسطينيون الإدارة الأميركية منذ اعترف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى المدينة العام الماضي.

ورأى ريتشارد هاس رئيس معهد “مجلس العلاقات الخارجية” إن الاتفاق بمثابة “علامة بارزة في القبول العربي لإسرائيل في المنطقة وكبح لعملية ضم أراض (فلسطينية) الأمر الذي من شأنه أن يعرّض سلام إسرائيل مع الأردن للخطر”.

ورحبت دول عربية وغربية باتفاق السلام التاريخي الذي أعلن، الخميس، بين إسرائيل والإمارات، في أبدت بعض الأطراف مواقفة متحفظة بانتظار رؤية النتائج.

وأعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الخميس، إبرام اتفاق سلام “تاريخي” بين إسرائيل والإمارات، سيسهم في دفع عملية السلام في الشرق الأوسط.

وجاء في البيان المشترك أن “الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد تحدثوا اليوم واتفقوا على إقامة علاقات طبيعية بين إسرائيل والإمارات”.

وفي ردود الفعل، ثمن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الاتفاق، وقال في تغريدة، إنه تابع باهتمام و تقدير بالغ البيان المشترك الثلاثي بين الولايات المتحدة الأميركية و الإمارات وإسرائيل حول الاتفاق علي إيقاف ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية، واتخاذ خطوات من شأنها إحلال السلام في الشرق الأوسط.

وقال السيسي إنه يثمن جهود القائمين على الاتفاق من أجل تحقيق الازدهار والاستقرار للمنطقة.

وعلقت وزارة الخارجية الأردنية على الاتفاق بتغريدة قالت فيها، إن أثر الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل سيكون مرتبطا بما ستقوم به إسرائيل: إما إنهاء الاحتلال وتحقيق السلام العادل والشامل أو تعميق الصراع الذي سينفجر تهديدا لأمن المنطقة برمتها.

أما وزارة الخارجية الفلسطينية، فقد أعلنت في تغريدة، استدعاءها السفير الفلسطيني من الإمارات، بناء على تعليمات الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وأصدرت وزارة الخارجية البحرينية بيانا، هنأت فيه الإمارات وأشادت بالتوصل لاتفاق يوقف ضم الأراضي الفلسطينية، واتخاذ خطوات توصل إلى السلام في الشرق الأوسط.

دول أخرى غير عربية، ثمنت الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي، وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون “إن قرار الإمارات وإسرائيل بتطبيع العلاقات نبأ سار للغاية. كنت آمل بشدة ألا يتم المضي قدما في ضم الضفة الغربية، واتفاقية اليوم على تعليق هذه الخطط، هي خطوة مرحب بها على الطريق نحو شرق أوسط أكثر سلاما”.

وهنأت وزارة الخارجية اليونانية في بيان حكومتي إسرائيل والإمارات على “الاتفاق التاريخي لتطبيع العلاقات بينهما”.

وأضافت أن الاتفاق بين هذين الشريكين القريبين لليونان، يعد انتصارا للدبلوماسية وخطوة مهمة في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.

ورحّبت فرنسا بالاتفاق  على لسان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في بيان، الخميس، قال فيه إن “القرار المتّخذ في هذا الإطار من جانب السلطات الإسرائيلية هو خطوة إيجابية يجب أن تتحوّل إلى إجراء نهائي”، في إشار إلى قرار إسرائيل تعليق ضم أراض في الضفة.

وأعرب الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش عن أمله في أن يساهم الاتفاف في حل للنزاع بين إسرائيل والفلسطينيين على أساس مبدأ حل الدولتين.

وقال متحدّث باسم غوتيريش في بيان “يرحب الأمين العام بهذا الاتفاق ويأمل أن يتيح فرصة للزعماء الإسرائيليين والفلسطينيين للانخراط مجدّداً في مفاوضات جادّة تحقّق حل الدولتين بما يتّفق وقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والاتفاقات الثنائية”.

ما سر التسمية؟ اتفاق ابراهيم

اتفاق إبراهيم”، هو الاسم الذي اختير عنوانا لاتفاقية السلام بين الإمارات وإسرائيل، التي وقعت الخميس، برعاية الولايات المتحدة.

الاتفاقية التي وصفها الأطراف الثلاثة بالتاريخية، تنص على تعزيز التعاون في كل المجالات بين الإمارات وإسرائيل، فيما ستجتمع قيادة البلدين خلال الأيام القادمة لتوقيع الاتفاقيات الثنائية.

وخلال إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب للاتفاقية التاريخية من مكتبه في البيت الأبيض، منح الكلمة لمدة ثوان إلى دافيد فريدمان، السفير الأميركي لدى إسرائيل، كي يوضح الأسباب التي تكمن خلف تمسية الاتفاق بـ”اتفاق إبراهيم”.

وقال فريدمان إن “إبراهيم هو أبو الديانات الثلاثة، فهو يمثل القدرة على التوحيد بين الديانات العظيمة الثلاثة”.

الباحث في اللاهوت المسيحي، وجدي وهبة، قال، من جانبه، إن اختيار إبراهيم له دلالة رمزية، فإليه تنتسب الأديان الثلاثة: الإسلام، واليهودية، والمسيحية، فهو أرضية مشتركة تجمع الديانات الثلاثة.

وأوضح وهبة  أنه لا خلاف بين الأديان الثلاثة بخصوص إبراهيم، فيما يبدأ الانقسام عند أبنائه، حيث ينتسب اليهود إلى يعقوب ابن إسحاق ابن إبراهيم، فيما ينتمي المسلمون إلى فرع إسماعيل ابن إبراهيم.

وأضاف وهبة أن “الاسم له دلالة أخرى إيجابية، وأنه يمكن لأتباع الديانات الثلاثة أن يعيشوا في سلام، فكلنا أولاد عم، ويمكن للإسرائيليين والعرب أن يعيشوا بسلام في نفس المنطقة”.

يذكر أن الإمارات هي أول دولة خليجية تقيم العلاقات بشكل كامل مع إسرائيل، في خطوة تأتي في أعقاب مؤشرات على التقارب في السنوات الاخيرة، بينها استقبال فرق رياضية إسرائيلية والسماح لوزراء إسرائيليين بالتحدث في مؤتمرات والتجول في الدولة الثرية لغرض السياحة.

وكانت مصر والأردن قد سبقتا الإمارات في هذا المجال، إذ وقعت مصر اتفاقية سلام كامب ديفيد مع إسرائيل في عام 1978، فيما وقعت الأردن معاهدة وادي عربة في عام 1994.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.