الرئيسيةفي العالم

صفقة التطبيع ـ هل تتضمن نقل قاعدة العديد من قطر للإمارات؟

مصائب قوم عند قوم فوائد، هكذا حال الشرق الأوسط، فنادرا ما تجود المنطقة بحدث يُفرح جميع الأطراف. بهذا المنطق واكب الإعلام الألماني تطبيع العلاقات الإسرائيلية الإماراتية راصدا تداعياتها على علاقات العرب مع الدولة العبرية.

    
أرشيف: دونالد ترامب ومحمد بن زايد في واشنطن (15 مايو/ أيار 2017)أرشيف: دونالد ترامب ومحمد بن زايد في واشنطن (15 ماي2017)

 

 

حول أسباب الإعلان عن تطبيع العلاقات الديبلوماسية بين إسرائيل والإمارات في هذا الوقت بالذات، أجرت دوروتيا هان حوارا مع الخبير العسكري الأمريكي لورانس ويكرسون نشرته صحيفة “تاغستسايتونغ” اليسارية الألمانية في (14 اوت  2020)، اعتبر فيه  ويكرسون أن الإمارات تحاول منذ فترة إقناع واشنطن بنقل القاعدة العسكرية الأمريكية في العديد بقطر إلى الإمارات، وهو طلب تدعمه إسرائيل. “لا أدري ما إذا كان (تطبيع العلاقات الإسرائيلية الإماراتية) تم مقابل تحقيق هذا الطلب، لكنني أظن أن هذا سيجعل محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي، يشعر أن فرصه لتحقيق هدفه ستزداد”.

وأكد ويكرسون أن شخصيات مثل جون هانا، مستشار الأمن القومي السابق لريتشارد تشيني نائب الرئيس جورج دبليو بوش، ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD)، تلعب دورا محوريًا لتسويق هذه الفكرة لدى دوائر صنع القرار في واشنطن. ويرى الخبير العسكري الأمريكي أن نقل القاعدة، إذا تحقق سيقطع الصلات بين قطر والولايات المتحدة، مشيرا إلى أن “حصارها” من قبل الجيران دفعها لأحضان أردوغان وإيران.

Infografik Karte Israels Diplomatische Beziehungen AR

أجندة التطبيع ـ بعد الإمارات هذه أسماء الدول المرشحة

كريستيان ماير، “شبيغل أونلاين” (14 وت  2020) كتب أن زمن اللاءات العربية تجاه الدولة العبرية انتهى “لقد رفض العالم العربي بحزم ولفترة طويلة دولة إسرائيل التي تأسست عام 1948 ضد إرادة العرب ورغم اعتداءات عرب فلسطين التاريخية”. وذكًر كاتب المقال بـ “قرار قمة الخرطوم الصادر في الأول من سبتمبر 1967، بعد فترة وجيزة من الهزيمة العربية في حرب الأيام الستة، حيث صاغت جامعة الدول العربية “اللاءات الثلاث” الشهيرة: لا للسلام مع إسرائيل، لا للاعتراف بإسرائيل، لا للمفاوضات مع إسرائيل.

الخريطة أعلاه ترسم ما يمكن أن تكون عليه أجندة التطبيع، فبعد مصر والأردن والإمارات، توجد أسماء الدول العربية المرشحة لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل. فقد توقع وزير المخابرات الإسرائيلي إيلي كوهين أن تحذو البحرين وسلطنة عمان حذو الإمارات. وقال كوهين لإذاعة الجيش الإسرائيلي “أعتقد أن البحرين وسلطنة عمان على جدول الأعمال بالتأكيد. بالإضافة إلى ذلك، فهناك في تقديري فرصة بالفعل في العام المقبل لاتفاق سلام مع دول أخرى في أفريقيا وعلى رأسها السودان”. السعودية، مرشح آخر رغم أنها التزمت الصمت، ولم يصدر عنها أي رد فعل رسمي بشأن الاتفاق. ومن غير المرجّح أن تحذو الرياض على الفور خطى حليفتها الإقليمية الرئيسية. غير أن التقارب الإماراتي الإسرائيلي قد يفسح المجال لتوسيع العلاقات السعودية الإسرائيلية على المدى المتوسط والبعيد. أما قطر فكانت تربطها علاقات تجارية مع إسرائيل، وقد يعرض عليها التطبيع مقابل انهاء المقاطعة من قبل جيرانها الخليجيين وابتعادها عن إيران.

اسم المغرب ذكرته صحيفة “واشنطن بوست” يوم (الجمعة 14 اوت  2020) نقلا عن مسؤولين في الخارجية الأمريكية الذين أكدوا لها أن المغرب من بين “المرشحين المحتملين” لفتح صفحة جديدة في العلاقات مع الدولة العبرية. أما موريتانيا، فوضعنا اسمها في الخريطة ضمن الدول المرشحة لأنها أيدت رسميا التقارب بين أبوظبي وتل أبيب، إذ ذكرت وكالة الأنباء الرسمية أن موريتانيا عبرت عن ثقتها في “حكمة وحسن تقدير” قيادة دولة الإمارات في قرارها توقيع اتفاق مع إسرائيل لتطبيع العلاقات. ويذكر أن موريتانيا أقامت علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل، لكن جمدتها عام 2009 ردا على حرب غزة في 2008 و2009.

 سلام مقابل السلام ـ نتنياهو يفرض رؤيته على المنطقة

“اليوم، تبدأ حقبة جديدة من العلاقات بين إسرائيل والعالم العربي”، هكذا علق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على تطبيع بلاده لعلاقاتها الديبلوماسية مع الإمارات. وأضاف: “في 1979، وقع (مناحيم) بيغن السلام مع مصر. وفي 1994، وقع (اسحق) رابين مع الأردن، ويعود إليَّ الفضل في توقيع الاتفاق الثالث للسلام مع دولة عربية في 2020. إنه اتفاق سلام حقيقي، وليس شعارا”.

برنارد فون ديريندونك، كتب في موقع “إنفوسبيربر” السويسري الناطق بالألمانية (www.infosperber.ch)، معبرا عن مشاعر متناقضة بشأن هذا الاتفاق، ومؤكدا أن “معاهدة سلام بين أعداء هو دائما سبب للاحتفال، لكنه ليس من السهل دائما التمييز بين النجاح والفشل في الشرق الأوسط”. وأوضح فون ديريندونك أن الأمر أصبح رسميا الآن: “هناك دولة عربية تعلن بوضوح أنها تعتبر احتلال الضفة الغربية (يهودا والسامرة وفقًا للتعريف الإسرائيلي) أمرًا قانونيًا”.

وفي وقت تحدث فيه نتنياهو عن “يوم تاريخي”، تأخر رد الفعل الفلسطيني ثلاث ساعات على الأقل. صمت رهيب اتجاه خطوة يبدو أنها أذهلت الفلسطينيين. بعدها انفجر الغضب على ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد بين من وصفه بـ”الخيانة” و”الطعن في الظهر” أو حنان عشراوي، عضوة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير التي تمنت له “ألا يشعر بألم العيش تحت الأسر والاحتلال، ولا يرى أبدًا هدم منزله أو قتل أحبائه”. فون ديريندونك قلل من شأن حماس نتنياهو وكتب “هناك بلدان عربيان آخران يقيمان علاقات ديبلوماسية مع الدولة العبرية هما مصر والأردن قيل حينها إن خطوتهما ستساهم في إقامة السلام مع الفلسطينيين، لكن ذلك لم يتحقق. ولذلك “فقد حقق رئيس الوزراء نتنياهو انجازا جوهرياً”. أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس فرفض “استخدام القضية الفلسطينية كذريعة للتطبيع مع إسرائيل” وقال إنه ليس من حق الإمارات أو أي دولة أخرى أن تتحدث باسم الشعب الفلسطيني.

ألمانيا ترحب والسفيرة الفلسطينية في برلين تندد

وصف المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت تطبيع العلاقات الديبلوماسية بين إسرائيل والإمارات بأنه “اتفاق موجه نحو المستقبل”، مؤكدا أن من شأنه تعزيز التوازن والشراكة بين إسرائيل والعالم العربي. “كل إقامة لعلاقات دبلوماسية بين إسرائيل والدول العربية هي مساهمة في السلام في المنطقة. ونأمل أن يفتح هذا الاتفاق الطريق مرة أخرى أمام حل الدولتين، متفاوض عليه”. من جهته رحب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس بالاتفاق.

ويذكر أن برلين قادت إلى جنب شركاء لها في أوروبا والمنطقة، حملة مكثفة في الأشهر الأخيرة ضد ضم الضفة الغربية المحتلة واستئناف المفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. راينر برانديس أجرى لإذاعة “دويتشلاندفونك” الألمانية (15 اوت 2020) حوارا مع خلود دعيبس السفيرة الفلسطينية في برلين أكدت فيه أن الاتفاق بين القيادتين الأمريكية والإسرائيلية يُقدم كنجاح “وندفع الثمن مقابل ذلك”. وأوضحت أن هذا الاتفاق سيجلب مزيدا من الغضب والاضطراب للمنطقة، في وقت تتصرف فيه إسرائيل بشكل مخالف للقانون الدولي. واعتبرت السفيرة أن الاحتلال الإسرائيلي هو المشكلة الأساسية في المنطقة.

“دويتشلاندفونك” أجرت أيضا حوارا مع آفي بريمور السفير الإسرائيلي السابق في ألمانيا (14 أوت 2020. وأكد بريمور أن هذا التطور في المنطقة مرتبط أساسا بالمصالح الاقتصادية من جهة وببحث الدول الخليجية عن حلفاء ضد إيران من جهة ثانية. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد وصف الاتفاق بأنه “يوم تاريخي”، غير أن بريمور قلل من حماسة نتنياهو فقال: “أعتقد أن ما سمعناه بالأمس تطور مهم للغاية، وليس يومًا تاريخيًا. فالإمارات ليست الدولة العربية الأولى التي تربطها علاقات دبلوماسية معنا وتعترف بدولة إسرائيل. فقبلها كانت مصر ثم الأردن، وهما أكثر أهمية بالنسبة لنا، كدول جوار مباشر”. وأكد بريمور أن تطور الموضوع مرتبط بشكل كبير بالانتخابات الأمريكية المقبلة. فإذا خسر ترامب فستتغير قواعد اللعب، مهما كان الأمر، “لدينا بالفعل علاقات مهمة للغاية مع دول الخليج منذ سنوات، وإن كانت علاقات غير رسمية ولا يمكن مقارنة الأمر بمصر والأردن، يقول بريمور.

شتيفي هنتشكه مراسلة “تسايت أونلاين” (16 اوت  2020) وصفت من القدس الشرقية ردود فعل الشارع الفلسطيني وسألت “أبو موسى” الذي كان جالسا في إحدى مقاهي المدينة العتيقة فقال “لا حاجة لأصدقائنا في أبو ظبي للظهور هنا بعد اليوم (..) لقد طعنونا بالسكين في ظهورنا”. هنتشكه أكدت أن استياء الفلسطينيين يتعاظم، لدرجة أن عددًا متزايدًا منهم يعتبرون السلطة الفلسطينية أساس المشكلة، ومنهم من يرى في إدارة دول الخليج ظهرها للفلسطينيين، دليلا على فشل القيادة الفلسطينية الحالية.

فون ديريندونك يرى أنه من وجهة نظر إماراتية محضة، قد يبدو الأمر برمته كما يلي: “ولي العهد، محمد بن زايد، المهندس الحالي للسياسة الخارجية لبلاد يبلغ عدد سكانها حوالي عشرة ملايين نسمة (أكثر من ثمانية ملايين منهم عمال أجانب، بمعنى أن الإماراتيين الأصليين لا يزيدون عن مليوني نسمة). بن زايد يرى أن الموقف التقليدي الثابت الداعم للفلسطينيين لم يعد “موضة” العصر. ومن بين أسباب أخرى لأن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قد تخلى هو أيضا عن تلك الفكرة “القديمة”. فون ديريندونك طرح إشكالية الاعتراف الضمني باحتلال أراضي وتحديداً الضفة الغربية الفلسطينية. “نعم ممكن للمرء أن يجادل بأن حدود المنطقة برمتها لم تكن واضحة حتى قبل حرب الأيام الستة عام 1967، وأن السيطرة على العديد من المناطق بعد نهاية الإمبراطورية العثمانية كانت مسألة اعتباطية. كما يمكن للمرء أن يشكك في جميع الحدود بالشرق الأوسط بالرجوع إلى التاريخ، لكن الإجماع الدولي العام هو أن ما تمت الموافقة عليه في قرارات الأمم المتحدة لا يمكن التشكيك فيه بأثر رجعي. وإلا فسيتم تفكيك النظام المعقد بأكمله، على الأقل في الشرق الأوسط”.

إقبار حل الدولتين ـ السلام لا يزال بعيد المنال

هل يتعلق الأمر باتفاق تاريخي سيساعد على تعزيز السلام بالمنطقة؟ شبكة “أيه.إر.دي” الألمانية (13اوت  2020) سألت مراسليها في القاهرة الكسندر ستينزل، وفي تل أبيب مايك لينغينفيلسر. الأول وصف الاتفاقية الإسرائيلية الإماراتية بـ”نقطة تحول تاريخية” ونموذج يمكن للدول الخليجية الأخرى أن تحتذي به، مفسرا توقيت الاتفاق برغبة دول الخليج في تشكيل تحالف ضد إيران. أما مايك لينغينفيلسر فاعتبر في مراسلة من تل أبيب أن تطبيع العلاقات بين البلدين لن يكون كافيا لتحقيق السلام في الشرق الأوسط. لكنه إشارة إيجابية و “خطوة سيكون لها أثر على المدى البعيد، لم تحدث في العالم العربي منذ فترة طويلة”. غير أنه يجب الآن وضعها موضع التنفيذ وترجمتها إلى الواقع.

الخبير العسكري لورانس ويكرسون أوضح أيضا لصحيفة “تاغستسايتونغ”أن ترامب سعى لتقديم هذا الإنجاز الديبلوماسي في هذا الوقت بالذات، لأنه يتراجع في استطلاعات الرأي في أفق الانتخابات الرئاسية في الخريف المقبل. كما أنه يعرف تماما أن كمالا هاريس، عكس ما يقول في العلن، هي من أخطر المرشحين على الإطلاق لمنصب “نائب الرئيس”. وهو يرى كيف تزداد حملة منافسه جو بايدن زخما يوما بعد يوم. وهذا ما يفسر عددا من “القرارات اليائسة لترامب (..) وكلما زاد هذا اليأس، ازداد الوضع خطورة، ليس فقط بالنسبة للولايات المتحدة، ولكن أيضا بالنسبة للعالم ككل”. ويذكر أن لورانس ويكرسون (75 عاما)، جمهوري التوجه يُدرس الأمن القومي في جامعة وليام وماري في فيرجينيا وجامعة جورج واشنطن. وكان عقيدًا في الجيش الأمريكي وخدم في كوريا الجنوبية واليابان.

حسن زنيند

المصدر:DW

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.