الرئيسيةفي العالم

الاحتجاجات تعود لشوارع فرنسا.. مظاهرات ضخمة في باريس رفضا لقانون الأمن الشامل

للأسبوع الرابع على التوالي شهدت العاصمة الفرنسية باريس ومدن أخرى، السبت 12 ديسمبر 2020، مظاهرات ضخمة احتجاجا على قانون الأمن الشامل، وذكرت وسائل إعلام محلية أن المظاهرات تحولت إلى مواجهات مع رجال الأمن في بعض المناطق من العاصمة.

إذ تسبب  القانون الذي تقدم به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خلق توتر جديد بعد مصادقة الجمعية العمومية (الغرفة الأولى للبرلمان)، الجمعة 20 نوفمبر 2020 على تعديل قانون “الأمن الشامل” المقترح من طرف الحكومة.

ينص القانون الجديد الذي يرفضه الفرنسيون على عقوبة السجن والغرامة على نشر صور لأفراد الشرطة بوجوه مكشوفة خلال التدخلات الأمنية.

تجدد المواجهات رفضا لقانون الأمن الشامل

وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانين، قال السبت، على حسابه الرسمي بموقع “تويتر”، إن عدد المحتجزين في احتجاج ارتفع إلى 81 في باريس، وشكر دارمانين الشرطة والدرك الذين واجهوا “أشخاصاً عنيفين” خلال المظاهرات.

بينما استعملت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين؛ ما دفع المحتجين إلى التراجع.

بحسب التجمع الذي يضم نقابات ومنظمات معارضة لقانوني “الأمن الشامل” و”الانفصالية”، فإن الظروف الأمنية للمتظاهرين غير مضمونة في باريس، “بسبب استراتيجية الأرض المحروقة، التي نفذتها مديرية الشرطة” خلال المظاهرة الباريسية يوم 5 ديسمبر  الماضي.

بينما قال موقع “le parisien” الفرنسي، إن مئات الأشخاص تجمعوا في وقت مبكر من السبت في باريس، تحت مراقبة مشددة من الشرطة؛ للتنديد بمشروع قانون الأمن العام المثير للجدل ومشروع قانون الانفصالية.

كما أشار الموقع إلى أنه بعد أحداث العنف التي تخللت مظاهرات الأسبوعين الماضيين في العاصمة، دعا تجمُّع النقابات والجمعيات، بمبادرة من الاحتجاج، إلى تعبئة جديدة في المناطق يوم السبت. وقد انعقدت التجمعات بشكل ملحوظ في ليل (نورد) وليون (رون) وستراسبورغ (باس رين).

فيما أكدت أن الشرطة اعتقلت عشرات الأشخاص حتى قبل أن تنطلق المسيرات الاحتجاجية الغاضبة، في حين انتشرت بمواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات لمواجهات بين المتظاهرين والشرطة.

قانون مثير للجدل لحماية الشرطة الفرنسية

تتناول الاحتجاجات التي تصاعدت إلى أن أثارت أزمة سياسية، ثلاثة بنود من مشروع “قانون الأمن الشامل” تتعلق بنشر صور ومقاطع فيديو لعناصر الشرطة أثناء أداء عملهم، واستخدام قوات الأمن للطائرات المُسيّرة وكاميرات المراقبة.

ورأت التنسيقية الداعية إلى التجمعات أن “مشروع قانون الأمن الشامل هذا يهدف إلى النيل من حرية الصحافة وحرية الإعلام والاستعلام وحرية التعبير، أي باختصارٍ الحريات العامة الأساسية في جمهوريتنا”.

بينما تنص المادة الـ24 التي تركَّز عليها الاهتمام، على عقوبة بالسجن سنة ودفع غرامةٍ قدرها 45 ألف يورو، في حال بثّ صور لعناصر من الشرطة والدرك بدافع “سوء النية”. وتؤكد الحكومة أن قانون الأمن الشامل يهدف إلى حماية العناصر الذين يتعرضون لحملات كراهية ودعوات للقتل، على شبكات التواصل الاجتماعي، مع كشف تفاصيل من حياتهم الخاصة.

غير أن معارضي النص يشيرون إلى أن الكثير من قضايا العنف التي ارتكبتها الشرطة ما كانت لتُكشف لو لم تلتقطها عدسات صحفيين وهواتف مواطنين. ويؤكدون أن القانون غير مجدٍ، إذ إن القوانين الحالية كافية للتصدي لجرائم كهذه، لافتين إلى أن القانون الفرنسي “يعاقب الأفعال وليس النوايا”.

ماكرون يتراجع عن دعم قانون “الأمن الشامل”

تراجع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجمعة 4 ديسمبر عن دعم مشروع قانون الأمن الشامل المثير للجدل، والذي اندلعت على أثره احتجاجات واسعة في  أنحاء البلاد، وسط قلق حقوقي من تعارضه مع حرية التعبير.

إذ قال ماكرون في مقابلة مصورة مع موقع “بروت” الفرنسي، إنَّ نص القانون الذي أثار جدلاً “ستتم إعادة صياغته”، في إشارة إلى المادة الـ24 من مشروع القانون.

كما أضاف: “دائماً سيكون مسموحاً للصحفيين والمواطنين بتصوير عناصر الشرطة ونشر هذه الصور على مواقع التواصل الاجتماعي”، وتابع: “لن ندع الأقاويل تشير إلى أننا نخفض من مستوى الحريات في فرنسا”.

بينما برر ماكرون موقفه الجديد من قانون الأمن الشامل قائلاً: “لنكن واضحين، نحن في عالم مفتوح، وما تحظره في فرنسا غداً، يمكن نقله ووضعه على الإنترنت من بلجيكا أو إيطاليا”.

ازدواجية الخطاب عند الرئيس الفرنسي

يأتي مشروع قانون الأمن الشامل ضمن حزمة من الإجراءات والقرارات التي اتخذها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد الأزمة التي تسببت فيها تصريحاته حول الإسلام، وكانت نتيجتها أعمال إرهابية، إضافة إلى التجاوزات التي رصدتها عدسات المتظاهرين خلال مسيرات “السترات الصفراء” المستمرة في فرنسا لأشهر طويلة.

في الوقت الذي يُدافع فيه ماكرون عن نشر الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة لنبي الإسلام محمد (صلى الله عليه وسلم) على واجهات البنايات بحجة الدفاع عن حرية التعبير، اختارت حكومته تقييد هذه الحرية، لما اعتبرته حمايةً لرجال الأمن الفرنسيين وسلامتهم، وذلك عبر طرح مشروع قانون “الأمن الشامل” الجديد ببنوده المتعارضة مع حرية الصحافة والمهدِّدة بالغرامة والعقوبة السجنية.

بينما اعتبر كثيرون أن هذا المعطى يؤكد أن دفاع ماكرون عن إعادة نشر الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) كانت لأغراض انتخابية فقط، واستهدفت استقطاب اليمين لمساندة ماكرون في الانتخابات المقبلة، ولم يكن الأمر متعلقاً بحرية التعبير.

“المشروع من شأنه أن يُجهِز على مسار حقوقي كبير وعلى القيم الفرنسية، ويزعزع الثقة بمكانة الحريات التي بُنيت عليها الجمهورية الخامسة”، هكذا علق عبدالمجيد مراري، المتحدث الرسمي باسم منظمة “إفدي” الدولية لحقوق الإنسان، على القانون الجديد في حديثه لـ”عربي بوست”، معتبراً أن “هناك تناقضاً كبيراً بين ما يُصرح به مسؤولو الدولة عن الحرية وقيم حقوق الإنسان والديمقراطية، والقوانين الجديدة التي تُخالف ذلك، وتعبر عن ازدواجية خطاب غير مفهومة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.