التجارب النووية زمن الاحتلال تعكر صفو العلاقات الفرنسية الجزائرية
دعا مسؤول عسكري رفيع في الجزائر، الإثنين 8 فيفري2021 فرنسا إلى تحمل مسؤوليتها تجاه مخلفات تجارب نووية، قامت بها في صحراء البلاد، خلال ستينيات القرن الماضي.
وجاء ذلك على لسان العميد بوزيد بوفريوة، رئيس قسم هندسة القتال بقيادة القوات البرية، في مقابلة نشرتها مجلة “الجيش” (رسمية)، في عددها لشهر فيفري الجاري وجاء في المجلة أنه “بعد أكثر من 60 سنة على هذه التجارب، تصر فرنسا على إخفاء الخرائط التي من شأنها الكشف عن أماكن مخلفات هذه التفجيرات، فضلاً عن رفض تعويض ضحاياها”وخلال المقابلة، ذكر بوفريوة، أن “فرنسا مطالبة بتحمل مسؤوليتها التاريخية حول التجارب النووية” وأضاف قائلاً: “خاصة بعد مصادقة 122 دولة بجمعية الأمم المتحدة في 7 جويلية 2017، على معاهدة جديدة لمنع استخدام الأسلحة النووية”.
موضحاً أن المعاهدة “تعترف بصورة واضحة وصريحة بمبدأ أن المُلوِّث يدفع (تعويضات)، وهذه المرة الأولى التي يطالب فيها المجتمع الدولي القوى النووية بمعالجة أخطاء الماضي”.
كما دخلت المعاهدة حيز التنفيذ، في جانفي 2020، بعدما صادقت عليها 122 دولة، بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، فيما رفضت دول المصادقة عليها، وعلى رأسها فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا والصين.
تجارب فرنسا النووية
وأجرت السلطات الاستعمارية الفرنسية، سلسلة من التجارب النووية بالصحراء الجزائرية، بلغ عددها 17، في الفترة ما بين 1960-1966، وفق مؤرخين.
وظل ملف التجارب النووية الفرنسية في صحراء الجزائر، موضوع مطالب جزائرية رسمية، وأخرى من منظمات أهلية من أجل الكشف عن أماكن المخلفات النووية.
وأيضاً تعويض الضحايا ومن تعرضوا لعاهات مستدامة بسبب الإشعاعات النووية، مقابل رفض فرنسي لهذه المطالب.
تجريم الاستعمار الفرنسي
يأتي هذا في وقت أطلق فيه برلمانيون حملة شعبية لجمع مليون توقيع في الجزائر، من أجل الضغط لسن قانون محلي لتجريم الاستعمار الفرنسي، وذلك بعد أيام من صدور تقرير فرنسي حول استعمار الجزائر، لكنه أثار غضب جزائريين.
النائب في المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان)، بلعربي كمال، قال إنه أطلق المبادرة بالتنسيق مع عدد من النواب، مشيراً إلى أنهم سبق أن قدموا منذ 28 جانفي 2020 مشروع قانون لتجريم الاستعمار الفرنسي.
لكن المشروع بقي حبيس الأدراج سنة كاملة، و”لم ينظر إليه لأسباب مجهولة”، وفقاً لكمال، الذي أضاف: “بعد عام أي في 28 جانفي 2021، أطلقنا حملة شعبية لجمع التوقيعات لمطالبة البرلمان بغرفتيه بسنّ قانون يُجرّم أفعال فرنسا الاستعمارية”.
لفت البرلماني إلى أن المبادرة “جاءت بسبب التماطل الذي طال المشروع وطال حق الشهداء والمجاهدين (قدماء المحاربين)”، مضيفاً أن “الدعوة جاءت أيضاً بناءً على تصريحات مستشار الرئاسة عبدالمجيد شيخي المكلف بملف الذاكرة (ملف الاستعمار)”، والذي قال قبل أسابيع إن الجزائريين جرموا الاستعمار منذ عقود في قلوبهم ولا يحتاج ذلك لنص قانوني.
كذلك اعتبر كمال أن “مسألة اعتراف فرنسا بجرائمها شأنها، وما يعنينا هو استرجاع حقوق الجزائريين التي ضاعت مثل الأرشيف والتعويضات المادية”.
وانطلقت الحملة في مختلف محافظات البلاد، وستأخذ وقتاً لجمع التوقيعات من خلال استمارة ورقية وليست إلكترونية، وقال كمال: “يكفي جمع مليون توقيع لإيصال رسالة الشعب إلى الحكومة والسلطة التشريعية”.
يُذكر أن الاستعمار الفرنسي للجزائر دام بين 1830 و1962، حيث تقول السلطات الجزائرية ومؤرخون إن هذه الفترة شهدت جرائم قتل بحق قرابة 5 ملايين شخص، إلى جانب حملات تهجير ونهب الثروات، وسرقة آلاف الوثائق وقطع تاريخية وأثرية منها ما يعود إلى الحقبة العثمانية (1515-1830).
أما المسؤولون الفرنسيون فيرددون في عدة مناسبات بضرورة طيّ الجزائر لصفحة الماضي الاستعماري وفتح صفحة جديدة، لكن الجزائر طالبت مراراً باعتراف رسمي من باريس بجرائم الاستعمار.