الرئيسيةفي العالم

أموال خليجية وقبضة حديدية”.. هكذا دفع الرئيس الصومالي بلاده نحو حافة الهاوية

قال الرئيس الصومالي إنه سيتخلى عن محاولته تمديد فترته لعامين
في 2017، كانت جميع أنحاء مقديشو تحتفل بالفوز غير المتوقع للرئيس الجديد محمد عبد الله محمد الذي سرعان ما حشد الدعم عبر الطيف السياسي والعشائري من الصوماليين الذين أيدوا وعوده بحملة مناهضة للكسب غير المشروع.

وتنقل صحيفة نيويورك تايمز عن العقيد أحمد عبد الله شيخ، الذي كان وقتها قائد “دناب”، القوات الخاصة الصومالية التي تدعمها القوات الأميركية للقيام بعمليات معقدة ضد أهداف كبيرة لحركة الشباب، قوله: “الأشهر الأولى كانت رائعة. اعتقدت أنني التقيت بطلي.”

كما أعجب المسؤولون الأميركيون به. ورغم أن ما لا يقل عن خمسة من حاملي جوازات السفر الأميركية ترشحوا للرئاسة في ذلك العام، كان يُنظر إلى محمد على نطاق واسع على أنه أقل فسادا وأكثر توجها نحو الإصلاح، وأقل خضوعا للمصالح الأجنبية مقارنة بالمرشحين الـ24 الآخرين.

وبعد فترة وجيزة من فوزه في الانتخابات، قال محمد لأنصاره: “هذه بداية وحدة الأمة الصومالية”.

لكن خيبة الأمل سرعان ما بدأت، بحسب نيويورك تايمز.

وقال عبد الرشيد حاشي، وهو وزير سابق في عهد محمد: “تتركز قوته العقلية بالكامل على صعوده، وكيف يمكنه السيطرة على المشهد. سمحت له سياسة حافة الهاوية بأن يفلت كثيرا. ولكن الآن وصلت كل هذه التحركات التكتيكية إلى ذروتها بالفشل الذريع الذي نحن فيه “.

ووفقا للصحيفة، فقد مارس الرئيس الصومالي “سياسات انقسامية بين العشائر، وبدأ في الخلاف علنا مع القادة الإقليميين في البلاد، مما أدى إلى تقويض نظام تقاسم السلطة الذي يدعم الاستقرار الصومالي”.

وفي أواخر عام 2018، ألقى القبض على منافس محتمل، مما أثار احتجاجات قُتل فيها ما لا يقل عن 15 شخصا، وبعد أسابيع طرد مبعوث الأمم المتحدة، متهما إياه بالتدخل في الشؤون الصومالية.

وأضافت “أصبح محمد يعتمد بشكل كبير على رئيس المخابرات القوي، فهد ياسين، الذي قامت أجهزته الأمنية باحتجاز وتعذيب الصحفيين المستقلين، وفقا لجماعات حقوق الإنسان والأمم المتحدة والمسؤولين الغربيين”.

وقال المسؤولون إن ياسين، وهو صحفي سابق في قناة الجزيرة، أصبح قناة للأموال القطرية غير الرسمية التي استخدمت للمساعدة في انتخاب السيد محمد، والتي استخدمها لترسيخ قاعدته السياسية أثناء وجوده في السلطة -جزء من معركة بالوكالة أوسع نطاقا على النفوذ بين دول الخليج المتنافسة الغنية بالنفط في الدولة ذات الموقع الاستراتيجي، وفقا لما تقوله نيويورك تايمز.

وقال متحدث باسم الحكومة القطرية، في بيان لنيويورك تايمز، إن قطر “ترفض كليا المزاعم المتعلقة بتحويل أموال غير معلن عنها وإقامة علاقة ظل” وأن الدوحة “تلعب دورا بناء في الصومال”.

تقول الصحيفة: “أصيب البعض في الدائرة المقربة من محمد، بما في ذلك العقيد الشيخ، بخيبة أمل واستقالوا”. ونقلت عن الشيخ قوله: “قلت لنفسي: هؤلاء الناس ينذرون بأخبار سيئة”.

وتابعت الصحيفة “في 2019، تخلى محمد عن جنسيته الأميركية. لم يشرح أسباب القرار، لكن المسؤولين المطلعين على الأمر أشاروا إلى عامل محتمل”.

وقال ثلاثة مسؤولين غربيين مطلعين على الأمر، تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة مسألة حساسة تتعلق برئيس أجنبي، أنه في الوقت الذي قدم فيه محمد جواز سفره، كانت موارده المالية تخضع للتحقيق من قبل دائرة الإيرادات الداخلية في الولايات المتحدة.

وذكرت الصحيفة أن مكتب الرئيس الصومالي لم يرد على أسئلتها.

وفي مقابلات نيويورك تايمز، قال العديد من السياسيين الصوماليين إن الفوضى كانت أيضا خطأ واشنطن، وألقوا باللوم على الولايات المتحدة لفشلها في التدخل مع محمد عندما اتضحت ميوله الاستبدادية قبل عدة سنوات.

وردا على الانتقادات، قال متحدث باسم وزارة الخارجية إن الولايات المتحدة “حثت الرئيس مرارا وتكرارا على الانخراط بشكل بناء مع قادة الفيدرالية لدفع المصالحة السياسية والتوصل إلى توافق في الآراء بشأن القضايا الحيوية لاستقرار الصومال”.

ومع ذلك، يعتمد محمد أيضا بشكل كبير على القوى الإقليمية الأخرى -حيث يستمر في تلقي التمويل من قطر والتحالف مع رئيس إريتريا الاستبدادي، أسياس أفورقي، الذي درب جيشه الآلاف من القوات الصومالية، كما يقول مسؤولون غربيون وصوماليون.

وقال عبد الرزاق محمد وزير الداخلية السابق والنائب المعارض الآن عن الأموال القطرية: “إنها تأتي نقدا وهي غير محسوبة. إنه سر مكشوف”.

وقد فشل محمد في إجراء الانتخابات عندما انتهت فترة ولايته التي استمرت أربع سنوات في فبراير، ثم تحرك لتمديد حكمه لمدة عامين -وهي خطوة اعتبرها كثير من الصوماليين بمثابة انتزاع صريح للسلطة.

وتحول هذا النزاع إلى أعمال عنف، الأحد الماضي، عندما اندلعت سلسلة من المعارك المسلحة بين الفصائل العسكرية المتناحرة في العاصمة مقديشو، مما أثار مخاوف من أن الصومال، بعد سنوات من التقدم المتواضع، يمكن أن ينزلق إلى نوع من إراقة الدماء على أساس عشائري، الأمر الذي سبق وأن مرت به البلد في التسعينات.

والآن أصبحت أوراق اعتماد محمد الديمقراطية في حالة يرثى لها وهو في مواجهة مفتوحة مع حليفه السابق، الولايات المتحدة، حيث لا يزال يمتلك منزلا عائليا.

وهدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن علنا بمعاقبة محمد ومسؤولين صوماليين آخرين، وكرر المسؤولون الأميركيون، هذا الأسبوع، دعواتهم الصومال لإجراء انتخابات على الفور.

والثلاثاء الماضي، قال الرئيس الصومالي إنه سيتخلى عن محاولته تمديد فترته لعامين، ورغم ذلك يشعر السكان بالقلق، خوفا من عدم الالتزام بذلك أو محاولة تقويض الانتخابات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.