شؤون عربية

ليبيا: حكومتان تتنازعان على السلطة والبلاد على حافة الهاوية

وسط مخاوف من تأجيج الصراع بشكل كبير في ليبيا، أدت الحكومة الجديدة برئاسة فتحي باشاغا اليمين القانونية أمام مجلس النواب، بينما لا يزال عبد الحميد الدبيبة يعتبر نفسه رئيسا لحكومة أخرى. فالبرلمان الليبي منح ثقته لباشاغا وكلفه بتشكيل حكومة، لكن الدبيبة يقول إن حكومته هي التي تتوفر على الشرعية وأعلن تمسكه بمنصبه. وبات بذلك الليبيون يعيشون في ظل انقسام جديد ينضاف إلى سلسلة من الانقسامات التي تعقد الملف الليبي وتزيد من تأزم الوضع.

أصبح للصراع في ليبيا عنوانا جديدا ينضاف لسابقِيه، والمتعلق بحكومتين تتنازعان على السلطة في بلد منهار اقتصاديا، ضعيف أمنيا ولا يكاد بصيص الأمل يبزغ في إمكانية إصلاح أحواله، حتى تحتد الخلافات من جديد.

وقد أدى باشاغا اليمين القانونية أمام مجلس النواب في غياب عدد من الوزراء الذين اختارهم في حكومته، منهم ثلاثة تم احتجازهم من قبل مسلحين، وآخرين لم يُعلن عن سبب غيابهم. كما انسحب وزير الاقتصاد جمال شعبان من الحكومة قبل الجلسة، وأعلن رفضه منصبه “رفضاً مطلقاً”، وشكك في عملية تصويت البرلمان بالثقة لصالح باشاغا.

وشجب باشاغا في كلمة ألقاها عقب أدائه اليمين القانونية، ما وصفه بحالة التصعيد غير المبررة من بعض الأطراف لمنع بعض الوزراء من أداء اليمين، وأكد أنه لن يسمح باستمرار ذلك الأمر، معلنا أنه باشر “إجراءات استلام السلطة من داخل طرابلس بقوة القانون”. وجدّد التأكيد على العمل “بكل قوة لإنهاء المراحل الانتقالية والوصول إلى الانتخابات”.

كما اتهم باشاغا منافسه الدبيبة في رسالة بعثها إلى مكتب النائب العام، باستغلال السلطة وإقفال المجال الجوي الليبي بالكامل، وحمله المسؤولية عن عدم تمكن أعضاء من حكومته من السفر إلى طبرق، مقر البرلمان، لأداء اليمين. ووصف باشاغا ذلك بالانتهاك لحق التنقل، والاعتداء على السلطة الدستورية والسياسية في البلاد.

من جهته كان رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبد الحميد الدبيبة، لوح باستخدام القوة واستهداف أي أرتال عسكرية أو سيارات مسلّحة تتحرك دون إذن منه، وهو ما اعتبر رسالة موجهة إلى المعسكر المسلّح الموالي لرئيس الحكومة المكلف باشاغا. وكتب الدبيبة في بيان أنه بصفته وزيرا للدفاع، فإنه سيصدر الأوامر للوحدات المكلفة بالتأمين والحماية للتعامل مع أيّ تشكيل أو رتل مسلّح يتحرك دون إذن مسبق من وزارة الدفاع.

ويؤكد المحلل السياسي مناف الكيلاني   أن هذا الصراع الدائر لا يمكنه إلا أن يؤدي بليبيا نحو الهاوية، ووصفه الكيلاني بكونه “صراعا يتم بين حكومة أقيمت بهدف قلب حكومة الدبيبة، ما يضع الشعب الليبي أمام حلقة مفرغة تعيده في كل مرة إلى دائرة الصراعات، رغم أنه لم ينتخب بشكل كامل هؤلاء الذين أتوا سواء بحكومة الدبيبة الحالية أو حكومة باشاغا، كما أن البرلمان الحالي انتهى أجله منذ زمن لكنه ما زال يعمل، وهو ما يعني أن حكومة وحدة وطنية أصبحت في عالم الخيال”.

التاريخ يعيد نفسه

يعيد الواقع السياسي الحالي في ليبيا إلى الأذهان واقعا شبيها لم تكد تتخلص منه البلاد حتى عاد بصورة جديدة. فليبيا عاشت برأسين لسنوات وكانت النتيجة صراعات واقتتال وعرقلة لمسار إنهاء النزاع في البلاد. إذ حكمت البلاد حكومة في الشرق موالية للرجل القوي في المنطقة وهو خليفة حفتر. وحكومة أخرى في طرابلس تعترف بها الأمم المتحدة. ولم يتم التخلص من تلك الوضعية، وبشكل جزئي، إلا بعد التوصل إلى اتفاق سياسي برعاية الأمم المتحدة، وكان من نتائجه تولي عبد الحميد الدبيبة رئاسة حكومة انتقالية أوكلت لها مهمة توحيد المؤسسات وقيادة البلاد إلى انتخابات رئاسية وتشريعية

وتعارض تولي باشاغا رئاسة حكومة جديدة، أطراف سياسية وعسكرية عديدة في غرب البلاد حيث يوجد مقر حكومة الدبيبة وجل المؤسسات السيادية كمؤسسة النفط والبنك المركزي وغيرهما، وتتهم تلك الأطراف باشاغا بإبرام اتفاق مع المشير خليفة حفتر، الذي تحمله الكثير من القوى الليبية، جزءا هاما من المسؤولية عن التشرذم الذي تعيشه البلاد.

كما وُجهت العديد من الانتقادات لجلسة البرلمان التي تمت مطلع الشهر الماضي والتي تم بموجبها منح الثقة لحكومة باشاغا. واتهم عبد الحميد الدبيبة، مجلس النواب بممارسة “التزوير” لتمرير الحكومة الجديدة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.