الرئيسيةسبور

طارق الغديري: حين يدس” برهان بسيس السم في الدسم

شهد الشارع الرياضي في تونس لغطًا كبيرا بسبب ما قاله برهان بسيس في برنامجه الإذاعي منذ أيام حول تكفّل الجامعة التونسية لكرة القدم بسداد مستحقات دائني الترجي الرياضي التونسي مثل الجزائريين عبد القادر بدران وعبد الرؤوف بن غيث حتى يتمكن من  تفادي عقوبة المنع من الانتداب من الفيفا.

والحقيقة أن طرح برهان بسيس للموضوع لمن يكن تلقائيا ولا من باب طبيعة الوظيفة الإخبارية للإعلام ولكنه كان من باب «التنبير» المتبادل والمعتاد بين أحباء الغريمين التقليديين الترجي والنادي الإفريقي.

ويجاهر بسيس بولائه التام للنادي الإفريقي وهذا في الحقيقة يحسب له، ولكن ما يحسب ضده هو أن يدّعي أن «التنبير» هو معلومة رياضية قدمها لمستمعي إذاعته، ذلك أن برهان بسيس قدم نصف الحقيقة وحجب نصفها الآخر، فاكتفى بالقول بأن الجامعة التونسية لكرة القدم سدّدت ديون الترجي وحجب الحقيقة عندما لم يقل بأن الأموال التي دفعتها الجامعة هي في الحقيقة أموال الترجي عند الجامعة والتي تتوزع بين مشاركة لاعبيه في مونديال قطر 2022 (بن رمضان ومرياح والشعلالي) والمقدرة بما يعادل مليوني و400 ألف دينار تونسي إضافة لمنحة وصول الترجي لنصف نهائي دوري أبطال إفريقيا 2022 والتي تعادل حوالي 3 مليون و700 الف دينار تونسي حولها الاتحاد الإفريقي لكرة القدم إلى حساب الجامعة التونسية بالدولار على أن تحول لرصيد الترجي بعد اقتطاع عقوبة الـ300 ألف دولار بسبب أحداث مباراة ربع النهائي ضد شبيبة القبائل الجزائري.

متعة وديع الجريء

لم يوضّح برهان بسيس هذه التفاصيل لأنها تقلب معنى الخبر الذي قدمه رأسا على عقب، كما أخفى مصدر المعلومة وهذا من حقه المهني مثلما هو حقنا المهني بأن نكشف للقارئ أن مصدر بسيس لتلك المعلومة هو وديع الجريء رئيس الجامعة التونسية لكرة القدم الذي أبرز في السنوات الأخيرة حصوله على متعة ذاتية كبيرة بإعلان أخبار «المساعدة المالية» الجامعة التونسية لكرة القدم للأندية التونسية وهي مجاهرة تكررت كثيرا خاصة في الموسم الرياضي الماضي.

ويتغاضى وديع الجريء (ومن ورائه برهان بسيس وبقية أفراد الجوقة إيّاها) عمدًا عن إفهام الراي العام الرياضي أن الترجي مثل كل الأندية التونسية التي تشارك في المسابقات القارية تملك حسابات بالعملة الصعبة تحت إشراف البنك المركزي التونسي تستخدمها لتسوية معاملاتها المالية مع الهياكل الدولية ومع الأندية واللاعبين الذين تجمعها بهم معاملات وتحويلات.

وقد استعان الترجي بالجامعة لتسهيل معاملته المالية الأخيرة لرفع عقوبة المنع من الانتداب تفاديا للبطء الإداري لإجراءات البنك المركزي الذي يشهده مسار تحويل الأموال مباشرة من حساب شيخ الأندية التونسية الخاص بالعملة الصعبة.

تحيّل مقنّع

والغريب أن الفيفا والكاف يرسلان للجامعة التونسية منح مشاركة لاعبي الترجي وللأندية التونسية المعنية الأخرى في المونديال وكذلك مشاركة الأندية في المسابقات القارية بالدولار الأمريكي ولكن الجامعة تحوّل تلك المنح للترجي وبقية الأندية بالدينار التونسي وهذا تصرّف مالي مبني على الحيف وشكل من أشكال التحيّل المقنع، ذلك أن سعر الصرف بين الدولار والدينار يتغير يوميا مما يكلّف الترجي وبقية الأندية فارقا في القيمة يبلغ مئات الآلاف من الدنانير التونسية، فضلا عن خسارة دخول المبلغ بالعملة الصعبة إلى حساباتها الخاصة مما يجعلها مضطرة للاستعانة بالجامعة عوض اتباع المسار البيروقراطي للبنك المركزي في حين أن تنزيل المنح مباشرة في حسابات الأندية بالعملة الصعبة يعفيها من اللجوء للبنك المركي تماما كما تفعل الجامعة التي تستميت لتنمية مواردها من العملة الصعبة على حساب مصالح الأندية المنضوية تحت لوائها.

مسؤولية الترجي

ومن الإنصاف القول بأن إدارة الترجي الرياضي التونسي تتحمل جزءًا من المسؤولية في جرعة «السم في الدسم» الذي دسّه برهان بسيس في تصريحه الإذاعي وذلك أولا بتقاعس إدارة حمدي المدب في حسم ملفات الديون العالقة مبكرا وترك رفع عقوبة المنع من الانتداب لآخر أسبوع قبل فتح الميركاتو الجديد، وثانيا باختيار سياسة الصمت التام إزاء المغالطة المقصودة في تصريح بسيس وترك الباب مفتوحا للتأويلات.

والحقيقة أن الحكومة التونسية ومن ورائها الإدارة الرقابية لوزارة المالية والبنك المركزي مطالبون أكثر من أي وقت مضى بتحديد مسار قانوني واضح وفعّال وسريع للمعاملات المالية الخارجية للأندية التونسية حتى لا تقع هذه الأخيرة بين براثن الجشع اللا متناهي  لوديع الجريء وتلذّذه بممارسة لعبة تحريك الدمى ولا يقع أحباء تلك الأندية فريسة لتصريح إذاعي ظاهره إخباري وباطنه «تنبير»

*المقال من موقع الزاجل للصحفي طارق الغديري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.