رغم عدم وجود أدلة تدعمها، انتشرت إشاعة عن الرئيس الصيني في وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير، ما دفع مواقع متخصصة في التكنولوجيا إلى تسليط الضوء على سرعة انتشار الإشاعات واستحواذها على منصات الأخبار.
ينقل موقع “تكنولوجي ريفيو” كيف أن شائعة تقول إن “الرئيس شي جين بينغ كان قيد الإقامة الجبرية، وأن استيلاء على السلطة في بكين بات وشيكا”، شقت طريقها إلى قمة الأخبار المتدوالة على نطاق واسع في موقع التواصل، تويتر.
ويشير تقرير الموقع إلى أن الإشاعة لم تؤكدها مصادر موثوقة بشأن الصين إلا أنها انتشرت بشكل كبير.
ومرت الإشاعة بثلاث مراحل بحسب الموقع، بدأت في الأوساط الصينية، ثم ترجمها إلى اللغة الإنكليزية المؤثرون المعارضون للحكومة الصينية، وأخيرا عملت حسابات تويتر الهندية على تضخيمها.
ويقول التقرير إنه ليس من النادر رؤية مثل هذه الشائعات السياسية في الصين، إذ إن هناك عالما كاملا من المعلقين والحسابات المجهولة التي تتكهن علنا بكل إشارة باهتة تخرج من وسائل الإعلام الحكومية الصينية، وتضخم كل كلمة وإيماءة، وتفسرها على أنها شيء رائد.
وبحسب التقرير، فإن التوقيت يفيد انتشار الشائعات، وفي هذه الحالة فقد تزامن انتشار شائعة وضع الرئيس الصيني تحت الإقامة الجبرية، مع ترك الجنرال الصيني، لي تشياومينغ، منصبه بعد خمس سنوات، ولم يتم الإبلاغ عن المكان الذي يتجه إليه، كما ظهر سياسي متقاعد رفيع المستوى يبلغ من العمر 105 سنوات في وسائل الإعلام بشكل نادر للحديث عن احترام كبار السن.
وتزامن ذلك مع نسبة إلغاء مرتفعة في الرحلات الداخلية في الصين.
وبحسب التقرير، فإن هذه الأحداث كانت كل ما يحتاجه منظرو المؤامرة للاستنتاج بطريقة أو بأخرى أن شي كان تحت الإقامة الجبرية.
وبدأت هذه القصة تنتشر لأول مرة بين الحسابات باللغة الصينية في 22 سبتمبر.
ومن المحتمل أن يكون لكل هذه الأحداث المتزامنة الحقيقية تفسيرات، فعلى سبيل المثال، كان إلغاء الرحلات الجوية المتزايد شائعا بالفعل هذا العام، حيث شهدت العديد من المدن الصينية عمليات إغلاق غير متوقعة مرتبطة بفيروس كورونا. ولكن بالنسبة للأشخاص الذين ليسوا على دراية بمدى سوء الحياة اليومية التي تعطلت في الصين، بدت المعدلات وكأنها شذوذ قبل المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني.
أما المرحلة الثانية في نشر الشائعة، فقد بدأت في 23 سبتمبر، من تويتر باللغة الصينية عندما ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية جنيفر زينغ، وهي ناشطة وصحفية لديها سجل حافل في نشر الشائعات ومقاطع الفيديو المنسوبة بشكل خاطئ، وفق التقرير.
وبدأت المرحلة الثالثة بعد أن شرعت حسابات هندية في نشر تقارير عن الشائعة في 24 سبتمبر.
ويظهر تحليل لأكثر من 32 ألف تفاعل على تويتر من قبل مارك أوين جونز، الأستاذ المساعد في جامعة حمد بن خليفة في قطر، الذي يبحث في المعلومات المضللة ووسائل الإعلام الرقمية، أن @Indiatvnews، حساب القناة التلفزيونية القومية الهندية، هو أكبر ناشر لشائعة الانقلاب.
وتحدث سوبرامانيان سوامي، وهو سياسي هندي بارز يتابعه 10 ملايين شخص، عن القصة في عدة تغريدات في 24 سبتمبر، واصفا إياها بأنها “شائعة جديدة يجب التحقق منها”.
ولدى الهند ثالث أكبر عدد من مستخدمي تويتر في العالم. وبالنظر إلى التوترات الجيوسياسية طويلة الأمد بين الهند والصين، بالإضافة إلى النقص النسبي في المعرفة التي من المرجح أن يمتلكها الهنود العاديون حول السياسة الصينية وكيفية تمييز الحسابات الإعلامية المدعومة فليس من المستغرب بالضرورة أن يقعوا في هذه الشائعات وينشروها، وفق التقرير.
وبحلول يوم الاثنين، كانت الشائعة قد هدأت في الغالب. وفي حين أن الرئيس الصيني لم يظهر بعد، أعادت الوثائق الأخيرة التأكيد على مشاركته في مؤتمر الحزب المقبل، مما يدل على أنه لا يزال في السلطة.
ويخلص التقرير إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي لا تزال فوضى مليئة بالمعلومات الخاطئة.
ونقل موقع “ريبابليك ورد” أن شائعة الإقامة الجبرية لشي جين بينغ اكتسبت زخما كبيرا على وسائل التواصل الاجتماعي. وأشار الموقع في تقرير إلى أن الشائعة انتشرت بشكل سريع وقسمت الصينيين بين مصدق لها وبين من قال إنها “أخبار زائفة”.
ونشر الموقع نماذج لتغريدات انتشرت على تويتر حولت الشائعة إلى موضوع للسخرية.
الموقع المتخصص في التحقق من الأخبار الزائفة” بوم فاكت تشيك” خلص في تحقيق خاص إن الشائعة نتيجة لحملة واسعة النطاق تغذيها حسابات هندية متعددة، وبعض القنوات الإخبارية الهندية الرئيسية.
وأوضح الموقع أن الشائعة غذتها أحداث متزامنة أبرزها عدم ظهور الرئيس الصيني منذ عودته من أوزبكستان في 16 سبتمبر.
ويقول إن هناك حدثا تحريضيا مهما آخر، هو المؤتمر العشرون للحزب الشيوعي الصيني في 16 أكتوبر، حيث سيسعى شي إلى ولاية ثالثة غير مسبوقة. وقبل هذا التجمع، حكم على نائب وزير الأمن العام الصيني، سون ليجون، بالإعدام مع تأجيل لمدة عامين، لتحديه سلطة شي، قبل أسابيع فقط من مؤتمر قيادة الحزب الشيوعي.
والمؤتمر هو أهم حدث في المشهد السياسي الصيني، فهو يعطي إشارات حول الاتجاه الذي سيتخذه ثاني أكبر اقتصاد في العالم على المدى القريب ومدى تأثير شي على الحزب الذي يضم ملايين الأعضاء.
ويأتي مؤتمر الحزب المرتقب في بكين في وقت يواجه شي رياحا سياسية معاكسة تشمل اقتصادا يواجه صعوبات وتدهور العلاقات مع الولايات المتحدة وسياسة “صفر إصابات كوفيد” الصارمة التي عزلت الصين بشكل متزايد عن العالم.