ثقافة وفنون

في عرضه على ركح المسرح الروماني بقرطاج: جمال دبوز في فصل جديد من قصة نجاحه

“جمال دبوز” الممثل المغربي الذي لم يكتف بتصنيفه نجما للكوميديا، هو ممثل كبير له مكانته في فرنسا، يبدع في كل دور يجسده، له من الموهبة والحضور الطاغي ما سمح له باعتلاء ركح المسرح الروماني بقرطاج أكثر من مرة، وفي كل مرة استطاع أن يملأ الكراسي والمدارج بالآلاف من الجمهور المتابع لمسيرته، المحب لمختلف المواقف الكوميدية التي يقترحها
في سهرة الاثنين 16 جويلية 2018 كان الموعد مع “جمال دبوز” على ركح المسرح الروماني بقرطاج ضمن فعاليات الدورة الرابعة والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي الذي يعود إليه بعد ست سنوات من الغياب بعرضه الجديد “الآن أو جمال” الذي يأتي عنوانه بالفرنسية كالتالي “maintenant ou jamel” متلاعبا بالتشابه بين “jamais” و”jamel”… لا خيار سوى “جمال” تلك هي رسالة “دبوز” الذي يعرف جيدا الجمهور التونسي ويعرف المواقف التي تمتعه وتضحكه
أمام مدارج وكراس مزدحمة بالجمهور، أطل في البداية مختص في التنويم المغناطيسي الذي قدم فقرة أشرك فيها جزء من الجمهور ثم اعتلى الركح الممثل التونسي “نضال السعدي” الذي تربطه علاقة خاصة بجمال دبوز وقدم فقرة افتتح بها العرض ونجح في نيل إعجاب الجمهور الذي صفق له بحرارة
تحدث “نضال” في فقرته بأسلوب فكه عن المواقف الطريفة التي عاشها في تونس بسبب نجاح دوره في مسلسل “أولاد مفيدة” وكيف انتقلت الشخصية من عالمها الافتراضي ككائن درامي إلى شخصية “حقيقية” يتعامل معها الجمهور وكأنها وجدت فعلا، وعلى “نضال” أن يكونها، أن يتحدث مثلها، أن يتصرف مثلها، أن يرد الفعل مثلها وغيرها من المواقف التي استطاع من خلالها أن يتخطى امتحانه الأول على ركح المسرح الروماني بقرطاج بنجاح كبير
أما “جمال دبوز” الذي اهتزت المدارج والكراسي لحظة دخوله إلى الركح فكان كعادته طاغي الحضور، حاضر البديهة، في علاقة متواصلة مع الجمهور لا يفوت له حركة أو كلمة أو تعليقا. انتبه إلى وجود أحد الكراسي شاغرة فانتقى متفرجة من المدارج لتجلس فيه قائلا “أريد أن ينزل أحد الفقراء من المدارج ليجلس بين الأغنياء”. تحدث عن تونس والمغرب وفرنسا، عن السياسة والتمييز العنصري وعن حياته الخاصة وولادة ابنيه… عن زواجه من الحسناء ميليسيا ثوريو الذي أثار الكثير من الحاسدين خاصة لدى فئة من الفرنسيين العنصريين الذين استكثروا على جمال دبوز امرأة فرنسية جميلة محبّة وعاشقة له.

[metaslider id=2149]
كان بارعا في عملية انتقاله بين المواضيع والمواقف الكوميدية على مدى ساعة ونصف، وكان خروجه في كل مرة عن النص مبرمجا بدقة، جملة اعتراضية يعود بعدها ليواصل مسرحيته ببنيتها التي ينتقل فيها بين فرنسا والمغرب وتونس… وفي كل مرة ينجح في احتواء رد فعل الجمهور ضحكا أو هتافا أو تصفيرا تعبيرا عن امتعاض من كلمة قالها أو استنتاج أزعجه
براعة “دبوز” في الارتجال لا ينافسه فيها أحد، ولكنه أيضا حاد السخرية، تخرج الكلمات والمواقف من صدره كالسهم، وتصيب صاحبه في مقتل الضحك أولا ثم تدفعه إلى التفكير.
سعادة “جمال دبوز” بعودته إلى ركح المسرح الروماني بقرطاج بعد ست سنوات من الغياب كانت كبيرة عبر عنها لحظة دخوله للمسرح عندما نزل بين الكراسي يصافح الحاضرين، وعند مغادرته أيضا عندما انتقى طفلا من بين الحاضرين غادر به الركح بعد ساعة ونصف أثبت من خلالها من جديد أن الإصرار لا يمنع موهوبا من النجاح وإن وجد في بلد يعايره بأصوله العربية ويستكثر عليه النجاح وهو يعاني من الإعاقة في إحدى يديه

كوثر الحكيري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.