في العالم

بسبب تاريخ الصلاحية.. نصف مليون جرعة فسدت في إفريقيا

أسئلة عن الجرعات المعزِّزة من لقاحات كورونا وأجوبتها/ رويترز

قالت صحيفة Washington Post الأمريكية في تقرير نشرته الأربعاء 11 اوت  2021، إنه طيلة شهور، كانت ثلاجات المنشأة الحكومية في المدينة الجامعية بجامعة لايدن الهولندية تحتوي على 90 صندوقاً من جرعات لقاح أسترازينيكا تصل قيمتها إلى آلاف الدولارات، لكن غالبية هذه الصناديق تواجه شبه تلف، بسبب تاريخ صلاحيتها الممتد لنهاية اوت  2021 فقط.

إذ إنه وبالنسبة لدينيس موك-كاناموري، الطبيب في المركز الطبي بجامعة لايدن، فإن انتهاء صلاحية آلاف الجرعات قريباً أمرٌ مأساوي. لكن ما يُثير حنقه حقاً هو أن الحكومة الهولندية مستعدةٌ لترك تلك الجرعات حتى تنتهي صلاحيتها، بدلاً من إرسالها إلى خارج البلاد.

ثلاجات اللقاحات بالعالم

ينعكس هذا الوضع داخل العديد من الثلاجات حول العالم، بالتزامن مع اقتراب ملايين جرعات لقاح فيروس كورونا من تاريخ انتهاء صلاحيتها قبل أن يتم استخدامها. ومع تباطؤ الطلب في الدول الغنية مثل هولندا، بدأت الأتربة تتراكم على الجرعات المتبقية، بينما يقترب تاريخ انتهاء صلاحيتها.

كذلك وبينما تشهد برامج التطعيم دائماً بعض الهدر، سوف تجد أنّ المعدلات القياسية من الهدر تعني ضياع كميات هائلة من الجرعات دون استخدام، بسبب حجم إنتاج لقاحات فيروس كورونا الضخم حول العالم. ومع ذلك، لم يتضح بعدُ عدد الجرعات التي انتهت صلاحيتها بالفعل، أو أوشكت على ذلك.

ففي إسرائيل، كانت هناك 80 ألف جرعة من لقاح فايزر-بيونتيك على وشك أن تنتهي صلاحيتها ويتم التخلص منها بنهاية جويلية ، بينما تم التخلص من 73 ألف جرعة من مختلف اللقاحات ببولندا، في حين أعادت سلوفاكيا 160 ألف جرعة من لقاح “سبوتنيك-في” إلى روسيا لقرب انتهاء صلاحيتها. أما في الولايات المتحدة، فتمتلك ولاية كارولينا الشمالية وحدها نحو 800 ألف جرعة على وشك أن تنتهي صلاحيتها.

انتهاء صلاحية الجرعات

وفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية، فقد انتهت صلاحية نحو 469.868 جرعة من مختلف اللقاحات في إفريقيا حتى التاسع من اوت  2021. إذ قال منسق تطوير اللقاحات والتحصين بمنظمة الصحة العالمية في إفريقيا، ريتشارد ميهيغو: “غالبية اللقاحات تصل بتاريخ انتهاء صلاحية قريب للغاية”.

لكن ندرة البيانات العالمية تُخفي التكلفة الحقيقية للجرعات المهدرة. فداخل الولايات المتحدة وحدها، تصل أعداد الجرعات التي انتهت صلاحيتها أو أوشكت على الانتهاء، إلى الملايين. بينما تصل قيمة بعض تلك الجرعات إلى 20 دولاراً، مما يعني أنّ التكلفة قد تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات أو أكثر.

كذلك فإن التكلفة على صحة البشر أكبر بكثير. إذ قال لاورنس غوستين، أستاذ قانون الصحة العالمية بجامعة جورجتاون: “ليست الجرعات التي نملكها كافية، حيث تنتهي صلاحيتها، أو تفسد بسبب انقطاع الكهرباء، أو لا تصل للسكان في الوقت المناسب. إنّها كارثةٌ مُحققة”.

في سياق متصل فإن اللقاحات عادةً تفسد بمعدلاتٍ أسرع من العقاقير الأخرى التي يمكن تخزينها،  لسنوات، وفقاً لأستاذ كلية الطب بجامعة جورجتاون، جيسي غودمان.

فمع اقتراب الجرعات من نهاية صلاحيتها، “ربما لا تتسبّب في توليد الاستجابة المناعية المطلوبة نفسها”، بحسب غودمان، مما يُحوّل التطعيم القوي الذي يُفترض أن يُنقذ حياة شخصٍ ما إلى مجرد لقاحٍ ضعيف. ولقاحات الرنا المرسال، مثل تلك الخاصة بـ”فايزر” و”موديرنا”، ضعيفةٌ على نحوٍ خاص في هذا الصدد.

تصريح بالاستخدام الطارئ

في المقابل تُحدّد الشركات المصنّعة تواريخ نهاية الصلاحية، قبل أن تُوافق عليها السلطات التنظيمية المحلية. وقد حصلت العديد من لقاحات فيروس كورونا على تصريح الاستخدام الطارئ مع توافر بيانات ستة أشهر فقط، مما أسفر عن تحديد تواريخ نهاية صلاحية قصيرة، من باب الحذر.

حتى حين تصل تلك الجرعات الفائضة إلى من يحتاجونها، سوف يتم اكتشاف أن تواريخ الصلاحية تُمثل مشكلة. ففي مختلف أنحاء إفريقيا، وضعت غالبية الدول برامج التطعيم خاصتها استناداً إلى تسليم الجرعات في فترةٍ تتراوح بين ثلاثة وأربعة أشهر، بحسب ميهيغو. لكن التأخير في الشحن أجبر العديد منهم على تطعيم السكان في فترةٍ أقصر.

إذ كان أمام ليبيريا مثلاً 15 يوماً لتوزيع عشرات الآلاف من جرعات أسترازينيكا التي وصلت عبر الاتحاد الإفريقي. ومع الأسف، انتهت صلاحية 27 ألف جرعةٍ منها، حيث قالت وزيرة الصحة في البلاد ويلهيمينا جالا: “لم يكن لدينا ما يكفي من الوقت”.

في حين تخلّصت بنين من 51 ألف جرعة في جويلية  بعد أن عانت لمدة ثلاثة أشهر، من أجل توزيعها، وذلك بحسب مدير لوجيستيات اللقاح في البلاد لاندري كاوسلي. إذ ظلّت المخاوف بشأن الجرعات قائمةً بعد أن علّقت الدول الأوروبية توزيعها؛ للتحقيق في مخاطر التجلطات الدموية.

بينما اتخذت دولٌ أخرى خطواتٍ إضافية، حيث أحرقت حكومة مالاوي نحو 20 ألف جرعة انتهت صلاحيتها من لقاح أسترازينيكا في ماي وهي خطوةٌ قال المسؤولون المحليون إنّها تهدف إلى أن تثبت للعامة أنّهم لن يحصلوا على جرعاتٍ انتهت صلاحيتها. في حين رفضت سلطاتٌ صحية أخرى، مثل السلطة الفلسطينية، تسلم جرعات قالوا إنّ صلاحيتها أوشكت على الانتهاء.

في سياق متصل يأمل بعض الخبراء أن تساعد مبادراتٌ مثل كوفاكس، في نقل جرعات اللقاح إلى الأماكن المطلوبة قبل نهاية صلاحيتها. لكن العثور على طريقةٍ لمشاركة الجرعات ليس المشكلة، بحسب أطباء مثل موك-كاناموري: “يمكنني تطعيم ثمانية آلاف شخصٍ في ناميبيا الأسبوع المقبل، لو كانت هناك رغبةٌ في ذلك. ولكن المشكلة هي أنّه ليست هناك رغبة”.

تونس تنفي…

وكانت وزارة الصحة التونسية، نفت في شهر جوان الماضي ، ما تم تداوله عن انتهاء صلاحية 20 ألف جرعة من “لقاح أسترازينيكا”، كانت تحت تصرفها.

وفي وقت سابق كشف الرئيس المقال للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد عماد بوخريص، أن “الهيئة أثارت العديد من الملفات من بينها ما يتعلق بالوضع الصحي، في البلاد”، وأشار بوخريص، أن “أكثر من 20 ألف جرعة من لقاح أسترازينيكا انتهت صلاحيتها في 31 ماي الماضي”.

وردت الوزارة، في بيانها على تصريحات بوخريص بالقول، إن “كل اللقاحات ضمن تواريخ صلاحيتها، وهي آمنة وفعّالة وسليمة”.

وأضافت بأنها “حريصة على الشفافية فيما يتعلق بكلّ بيانات الحملة الوطنية للتلقيح ضد فيروس كورونا، ويتم نشر كل الأخبار تباعا على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.