في العالم

بوركينا فاسو: ديمقراطية الأمر الواقع

نفت الخارجية الفرنسية أنباء عن لجوء الرئيس المخلوع في بوركينا فاسو إلى قاعدة عسكرية تابعة لها، أو أي علاقة لها بما يحدث في البلاد، وذلك بعدما قال قائد الانقلاب العسكري الرائد إبراهيم تراوري إن بول هنري سانداوغو داميبا لجأ لقاعدة فرنسية ويخطط لهجوم مضاد.

وقالت الخارجية الفرنسية “نُكذّب بشكل رسمي أي علاقة لفرنسا بالأحداث الجارية في بوركينا فاسو منذ أمس”.

ودوت أصوات أعيرة نارية في عاصمة بوركينا فاسو  يوم السبت بعد يوم من الإعلان عن الإطاحة بالرئيس داميبا، في ثاني انقلاب تشهده الدولة الواقعة في غرب أفريقيا هذا العام.

كما قالت رويترز إن إطلاق نار حدث خلال احتجاجات قرب السفارة الفرنسية في عاصمة البلاد.

ووسط أنباء عن حدوث انقسامات داخل الجيش، لم يرد أي تعقيب من قائد البلاد الجديد الرائد إبراهيم تراوري الذي عينته المجموعة نفسها من ضباط الجيش الذين ساعدوا داميبا في الاستيلاء على السلطة بانقلاب في 24 جانفي  الماضي.

وذكر مصدر أمني أجنبي في واغادوغو أن أنباء أفادت بوقوع إطلاق نار في عدة أجزاء من المدينة نتيجة اشتباكات بين القوات الموالية لداميبا مع تلك المؤيدة لتراوري.

 

وأكد مصدر في جيش بوركينا فاسو -رفض التعليق مباشرة على ما يجري في العاصمة- أن هناك قوات لا تزال موالية لداميبا في الجيش تحث قادة الانقلاب على التراجع، في حين لا يزال مكان داميبا غير معلوم.

وظهر تراوري أمس الجمعة على التلفزيون الحكومي، في نهاية يوم شهد إطلاق نار بالقرب من معسكر للجيش وانفجارا قرب القصر الرئاسي، وتوقف بث التلفزيون الرسمي.

وأعلن تراوري، محاطا بالجنود، حل الحكومة وإغلاق الحدود، مشيرا إلى أن فشل داميبا في التعامل مع الإسلاميين هو السبب في الإطاحة به. وكان داميبا قد أطاح بالرئيس السابق روش كابوري بسبب نفس المسألة.

وعاد الهدوء النسبي إلى واغادوغو في ساعة مبكرة من صباح  السبت، لكن دوي طلقات النيران في الظهيرة وظهور قافلة لقوات خاصة مدججة بالسلاح دفعا المتاجر إلى إغلاق أبوابها وهروب بعض المواطنين للاحتماء.

وقالت السفارة الفرنسية في بيان “الوضع لا يزال متوترا في واغادوغو.. يوصى بالحد من تحركاتكم”.

وأصدرت في وقت لاحق بيانا منفصلا “ينفي بشدة” ما تردد على مواقع التواصل الاجتماعي عن ضلوع الجيش الفرنسي في الأمر.

إدانات دولية

ودانت كل من أميركا والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي هذا التغير في السلطة على غرار عدة جهات دولية أخرى.

وقالت الخارجية الأميركية إن واشنطن تدين إطاحة عسكريين بالحكومة في بوركينا فاسو.

وجاء في بيان الاتحاد الأفريقي أن رئيسه “يدعو الجيش للامتناع فورا وبشكل كامل عن أي أعمال عنف أو تهديدات للسكان المدنيين والحريات المدنية وحقوق الإنسان”، مطالبا بإعادة النظام الدستوري بحلول جويلية  عام 2024.

وأعرب رئيس الاتحاد الأفريقي موسى فكي عن قلقه البالغ حيال عودة الانقلابات غير الدستورية سواء في بوركينا فاسو أو في بلدان أخرى في القارة.

من جهته، حذر الاتحاد الأوروبي من أن الانقلاب يعرض للخطر الجهود التي بذلت لإعادة النظام الدستوري بحلول الأول من جويلية  2024 ودعا السلطات الجديدة إلى احترام الاتفاقات السابقة.

وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد جوزيب بوريل في بيان إن “الاتحاد الأوروبي يأسف أيضا لتدهور الوضع الأمني والإنساني في البلاد”.

أعلن عسكريون في بوركينا فاسو مساء الجمعة إقالة رئيس المجلس العسكري الحاكم اللفتنانت كولونيل بول هنري سانداوغو داميبا الذي تولى السلطة إثر انقلاب عسكري في نهاية جانفي الماضي

وقال العسكريون في بيان متلفز مساء الجمعة “تمت إقالة اللفتنانت كولونيل داميبا من منصب رئيس الحركة الوطنية للإنقاذ والإصلاح” (وهي الهيئة الحاكمة للمجلس العسكري)، وأن النقيب إبراهيم تراوري صار الرئيس الجديد للمجلس العسكري.

وأعلن الضباط في بيان أذيع من التلفزيون الرسمي تعليق العمل بأحكام الدستور والميثاق الانتقالي وحل الحكومة وتجميد الأنشطة السياسية.

وقال النقيب تراوري إنه أقدم على هذه الخطوة بسبب إخفاق رئيس المجلس العسكري السابق في التصدي للجماعات الجهادية، على حد قوله.

كما أعلن العسكريون أنه سيتم إطلاق مشاورات لتعيين رئيس جديد للبلاد، قد يكون منتميا للجيش وقد يكون مدنياً، كما أنه تم إغلاق الحدود البرية والجوية بدءا من منتصف الليلة الماضية، وكذلك فرض حظر تجول من الساعة التاسعة مساء وحتى الخامسة فجرا.

الوضع الأمني

وبرر العسكريون خطوتهم بـ”التدهور المستمر للوضع الأمني” في البلاد. علما بأن داميبا كان قد تعهد عند توليه السلطة بجعل الأمن أولويته.

وسمعت طلقات نارية فجر الجمعة في العاصمة واغادوغو في الحي الذي يضم القصر الرئاسي ومقر المجلس العسكري، وأفاد شهود بأن دوي إطلاق نار كثيف سُمع قادما من المعسكر الرئيسي للجيش وبعض المناطق السكنية في العاصمة.

وقال مراسلون إن عدة جنود مسلحين شوهدوا على الطريق الرئيسي المؤدي إلى مقر الرئاسة وبعض المباني الإدارية والتلفزيون الوطني الذي توقف عن البث، مضيفين أن عدة طرق في العاصمة كانت مغلقة صباح الجمعة من قبل عسكريين.

وفي أول ردود الفعل، دانت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) استيلاء مجموعة من العسكريين على السلطة في بوركينا فاسو.

وقالت إيكواس إن الانقلاب جاء في وقت غير مناسب بعد أن أحرزت بوركينا فاسو تقدما نحو العودة إلى الحكم الدستوري عقب استيلاء الجيش على السلطة في جانفي  من حكومة مدنية.

وطالبت المجموعة باحترام الآجال المتفق عليها بشأن العودة للوضع الدستوري في البلاد

ويتولى السلطة منذ نهاية جانفي  2022 في بوركينا فاسو مجلس عسكري وصل إلى السلطة خلال انقلاب.

ووعد رئيس هذا المجلس بول هنري سانداوغو داميبا بجعل الأمن أولويته في هذا البلد الذي يشهد منذ سنوات هجمات لمسلحين.

و على قدر غموض تفاصيل دوافع الانقلاب، يأتي الغموض حول شخصية قائده النقيب إبراهيم تراوري، وما هو معروف أنه الرجل القوي في واغادوغو الآن، والذي سيحدد سياسة البلاد المرحلة القادمة، وفيما يخص مناصبه: تولى رئاسة الحركة الوطنية للحماية والإصلاح “MPSR” وهي الهيئة الحاكمة للمجلس العسكري.

قبل الانقلاب، عينه داميبا، مارس الماضي، رئيسا لفوج المدفعية في منطقة كايا، خلفا له، وهي تابعة للمنطقة العسكرية الأولى، وخامس أكبر مدينة في بوركينا فاسو، على بعد 100 كم من واغادوغو.

وقالت الباحثة البوركينية منى ليا: إنه حتى الآن لا يوجد إعلان حول هوية الرئيس المؤقت، هل سيكون “تراوري” هو الرئيس لمرحلة انتقالية جديدة أم سيتعين آخر، وفق تقرير نشره موقع «سكاي نيوز».

وتحذر “منى ليا” من استغلال الجماعات الإرهابية لهذه الأوضاع لتوسيع نشاطها، لافتة إلى أن الشعب قلق من تنامي قوة هذه الجماعات في ولاية الساحل شمالا.

وقال زعماء دينيون وقبليون في بيان مشترك إن القائد العسكري الجديد لبوركينا فاسو الكابتن إبراهيم تراوري قبل استقالة مشروطة قدمها الرئيس بول هنري داميبا لتجنب المزيد من العنف بعد انقلاب يوم الجمعة.

المصدر : الجزيرة + وكالات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.