الرئيسيةتونس اليوم

“مهاجر نيوز: تنشر شهادات صادمة عن تونس: “اعتقلوني من الشارع.. وبعد خمس ساعات تركوني في الصحراء”

تواصل فريق مهاجر نيوز مع العديد من المهاجرين المتحدرين من أفريقيا جنوب الصحراء، والذين تعرضوا للاعتداء والاعتقال في تونس، وفي بعض الحالات، تركتهم السلطات في الصحراء. جوليان ومارك يعيشان في شرق تونس، لكنهما توقفا عن الذهاب إلى عملهما، ولا يخرجان من منزليهما خوفاً من التعرض لاعتداءات.

تم تغيير بعض التفاصيل المتعلقة بالمهاجرين لحمايتهما، خاصة أنهما قد أعربا عن خوفهما من أن يتم التعرف عليهما أو “مهاجمتهما أو قتلهما” من قبل بعض التونسيين. لذلك تم تغيير اسميهما وجنسيتيهما.

منذ الخطاب المثير للجدل الذي ألقاه الرئيس التونسي قيس سعيد، في 21 فيفري يخشى العديد من الأفارقة من جنوب الصحراء، والذين يعيشون في وضع غير نظامي أو حتى في وضع مستقر، أن يكونوا هدفا لاعتداءات عنصرية. منذ بداية جويلية اعتقلت السلطات التونسية المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء، في منازلهم أو في الشوارع، لإرسالهم إلى الصحراء وتركهم لمصيرهم.

وقد لقي عشرات منهم حتفهم بسبب بقاءهم على الحدود الصحراوية التونسية الليبية تحت درجات حرارة عالية دون ماء أو طعام، كما عُثر على جثث على الحدود التونسية الجزائرية. ووفقاً للمعلومات التي جمعها فريق مهاجرنيوز، فأعداد الوفيات أكبر من المعلن عنها، لا سيما وأن الكثير من المهاجرين قد يكونوا تاهوا في الصحراء، ولا يُعثر على الجثث دائما، لأنها يمكن أن تختفي بسهولة وبسرعة وسط رمال الصحراء.

جوليان من غينيا

“منذ ثلاثة أيام، في 22 جويلية ، اعتقلتني السلطات التونسية في صفاقس وسط الشارع. كنت مع بعض الأصدقاء. جاؤوا إلينا وطلبوا أوراقنا، وعندما رأوا أننا لا نحمل تصاريح إقامة، وضعونا في شاحنة وتركونا على الحدود التونسية الجزائرية.

لم يكن لدينا وقت للعودة إلى المنزل. تم القبض علينا في الساعة الواحدة بعد الظهر، ووجدنا أنفسنا في الصحراء الساعة السادسة مساء. كنا على الحدود الجزائرية، لكنني لا أستطيع الجزم بمكان الموقع بالتحديد. أنزلنا الجنود هناك وطلبوا منا السير للأمام، هذا كل شيء. بالتأكيد لم يكن لدينا ماء أو طعام، لم يتركوا لنا شيئا.

كان الجو حارا جدا، حوالي 40 درجة مئوية، ومكثنا ثلاثة أيام في الصحراء. كان الأمر صعبا للغاية، وكان لدينا القليل من الماء من وقت لآخر بفضل مساعدات من سكان تونسيين، لكنه لم يكن كافيا. لم نستطع العودة إلى تونس، منعنا المدنيون من ذلك، وضربونا كلما رأونا نقترب. في اليوم الذي تركونا فيه في الصحراء، مشينا كثيرا، ثم وصلنا إلى مكان رأينا فيه تونسيين، أحدهم قام بضربي لأنه لا يريدني أن أعود إلى بلاده”.

مهاجرون عالقون في نقطة "رأس جدير" على الحدود التونسية الليبية. 24 تموز/يوليو 2023. المصدر: رويترز
مهاجرون عالقون في نقطة “رأس جدير” على الحدود التونسية الليبية. 24 تموز/يوليو 2023. المصدر: رويترز

“أرسلنا إحداثيات موقعنا إلى أصدقاء لنا، واتصلوا بالمرشدين (غالباً ما يكونوا مهربين) ليأتوا ويساعدونا. لم يكن الأمر مجانيا، عليك أن تدفع للخروج من الصحراء.

بعد ثلاثة أيام، عدت إلى شقتي، حيث أعيش مع صديق لي. زوجتي لم تعد هنا، لقد ماتت وهي تحاول عبور البحر الأبيض المتوسط.

نادرا ما نخرج مع أصدقائي، إلا في وقت مبكر جدا من الصباح. نحن خائفون جدا. المدنيون أخطر من السلطات، إنهم قطاع طرق. يتصلون بالشرطة عندما يرون السود يسيرون في الحي. لم يتبق الكثير من السود في المكان الذي أعيش فيه، فقد غادروا جميعا أو لا يزالون في الصحراء.

لا يمكننا الذهاب إلى العمل أيضا، خوفا من الاعتقال. نختبئ ونبقى طوال اليوم في الشقة.

في يوم من الأيام، سأعبر البحر الأبيض المتوسط​، وسأحاول الذهاب إلى فرنسا. أما في الوقت الحالي، ليس لدي ما يكفي من المال. ولكن عندما يكون لدي بعضه، سوف أغادر. لم يبق لي شيء في تونس”.

مارك من مالي

“دخل المواطنون التونسيون منزلي منذ حوالي أسبوعين. كسروا الباب واقتحموه، بكل بساطة. أخذوا كل شيء، كل أموالي. بالكاد تمكنت من الاحتفاظ بهاتفي الخلوي الذي كنت أخفيه عنهم.

عندما عدت، لم يبق لدي شيء. كانت مالكة المنزل لطيفة، حاولت مساعدتي، وأحضرت لي ثلاجة جديدة، وعبوة غاز جديدة للمطبخ.

عناصر من حرس الحدود الليبي يراقبون الحدود التونسية الليبية. 23 تموز/يوليو 2023. المصدر: رويترز
عناصر من حرس الحدود الليبي يراقبون الحدود التونسية الليبية. 23 تموز/يوليو 2023. المصدر: رويترز

أعتقد أنني كنت محظوظا. اعتدوا عليّ لكنني لم أذهب إلى الصحراء. على عكس زوجة أخي وطفلها البالغ من العمر ثلاث سنوات. تم القبض عليهما في المنستير، قبل ثلاثة أسابيع. كانا في شقتهما عندما حطم التونسيون باب منزلهما. لم يكن رجال الشرطة بعيدون لكنهم لم يتدخلوا.

طلبت الشرطة من زوجة أخي وطفلها أن يرافقوهما، قبل أن يتخلوا عنهما في الصحراء على الجانب الجزائري باتجاه مدينة الكاف، غربي تونس العاصمة. لجأت مجموعة المهاجرين إلى الجبال، ولحسن الحظ، جاء تونسيون وأحضروا لهم الماء والطعام.

مكثوا هناك لمدة ثلاثة أسابيع قبل أن تأتي منظمة غير حكومية لإنقاذهم، حيث تم نقلهم إلى تونس ثم إعادتهم إلى المنستير. قالت لي عندما اتصلت بها إنها بخير، لكنها لا تعرف ماذا تفعل وأين تذهب.

من ناحيتي، أعتقد أنني سأحاول عبور البحر الأبيض المتوسط. أنا في تونس منذ خمس سنوات، لكني لم أعد أستطيع العمل. لقد عملت دائما في مجال البناء، لكن صاحب العمل يطلب مني الآن أن أقدم له تصريح إقامتي، وأنا لا أحمل تصريح إقامة، إنه يعرف ذلك.

في وضعي الحالي، لا أجني المال، إلا القليل جداً إذا قبلت ببعض المهام البسيطة.

من قبل، كان الوضع جيدا، لكن الآن انهار كل شيء. أخشى على زوجتي، أخشى من الهجمات ومن ضربات المناجل. نبقى في مجموعات في نفس الشقة مع أصدقاء آخرين. إنها أفضل طريقة لحماية أنفسنا”.

قالت “هيومن رايتس ووتش” في بيان يوم 18 جويلية ، إن التخلي الجماعي الذي تمارسه السلطات التونسية غير إنساني ويتعارض مع القانون الدولي. وأضافت أن “مبدأ عدم الإعادة القسرية ينطبق على جميع أشكال الطرد، بغض النظر عن الجنسية أو حالة الهجرة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.