الرئيسيةتونس اليوم

صحراء الموت.. وفاة ما لا يقل عن 25 مهاجرا على الحدود وتونس تنفي مسؤوليتها

منذ شهر تقريبا، تدهور حال المهاجرين الأفارقة في تونس مع استمرار استهدافهم من قبل السلطات وطرد أغلبهم إلى مناطق صحراوية حدودية مع ليبيا. الأمر الذي كانت له عواقب كارثية، خصوصا بعد العثور على ما لا يقل عن 25 جثة. وبينما لا يزال المئات عالقين على الحدود غير قادرين على العودة إلى تونس أو الدخول إلى ليبيا، تنفي السلطات التونسية مسؤوليتها، ويصمت الاتحاد الأوروبي، الذي قدم مؤخرا دعما ماديا جديدا لتونس من أجل “مكافحة الهجرة غير الشرعية”.

بعد حوالي شهر على بدء السلطات التونسية طرد المهاجرين الأفارقة والتخلي عنهم في الصحراء، أحصى فريق مهاجرنيوز وفاة 25 مهاجرا جراء العطش والحر، استنادا إلى تصريحات وفيديوهات نشرتها السلطات الليبية على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية.
 الأربعاء 2  اوت اكتشف حرس الحدود الليبي جثة مهاجر في منطقة ظهرة الخص، وأعلن الجيش الليبي العثور على جثتين في حالة تحلل، وقبلها بيومين عثرت الدوريات على “جثتين مجهولتي الهوية” لمهاجرين من جنسيات أفريقية، بالقرب من نقطة عين الناقة ونقطة أبوالشرف قرب بلدة العسة الحدودية.
وبين 29جوان  و19 جويلية عثرت السلطات الليبية على 20 جثة، بحسب وزارة الداخلية واللواء 19 التابع للجيش الليبي، بين معبر رأس جدير وبلدة العسة.
وفقا لشهادات مهاجرين جمعها فريق مهاجرنيوز وتقارير المنظمات الحقوقية، تعمد قوات الأمن الوطني التونسي إلى إيقاف المهاجرين في تونس، لا سيما في مدينة صفاقس، ومن ثم تنقلهم في حافلات إلى الصحراء، وتدفعهم في مجموعات صغيرة على التوجه إلى الأراضي الليبية، رغم موجات الحر الشديد التي تشهدها المنطقة، ودون أن يكون للمهاجرين القدرة على الوصول إلى المسكن أو الماء أو الطعام.
بالتالي من الممكن أن تتيه هذه المجموعات في الصحراء، وتقل فرص نجاة المهاجرين في ظل الحرارة والرطوبة العالية، إذ يمكن أن تؤدي ضربة الشمس إلى الإرهاق والإغماء، ونظرا لعدم وجود مياه شرب، فيمكن أن يفقد المهاجرون حياتهم جراء العطش والجوع والتجفاف.
وكانت انتشرت صور لمهاجرين بدا عليهم الإنهاك التام وهم يسيرون في الصحراء. وأظهرت فيديوهات عناصر من الأمن التونسي وهم يدفعون المهاجرين لاجتياز الحدود ودخول الأراضي الليبية.
الدولة التونسية غير مسؤولة عن كل ما يحصل خارج حدودها الترابية
لكن السلطات التونسية من جهتها نفت هذه الاتهامات، ووصف وزير الداخلية، كمال الفقي، في تصريحات لوكالة الأنباء التونسية عمليات الطرد بأنها “ادعاءات لا أساس لها من الصحة”، لكنه شدد على أن “الدولة التونسية غير مسؤولة عن كل ما يحصل خارج حدودها الترابية”.
وجاء تصريحه بعدما نددت الأمم المتحدة بممارسات السلطات التونسية، وكان أعرب يوم الثلاثاء الماضي نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق، عن “قلقه” حيال “طرد مهاجرين ولاجئين وطالبي لجوء من تونس إلى الحدود مع ليبيا، وكذلك مع الجزائر”، مؤكدا على أن “عددا منهم لقي حتفهم عند الحدود مع ليبيا”.
لكن تلك التقارير حول “الوضع المقلق” هناك لم تمنع الاتحاد الأوروبي من المضي قدما في خطته بالتعاون مع تونس من أجل “مكافحة الهجرة غير الشرعية”، والتصدي لعمليات التهريب، ضمن المقاربة الأوروبية التي تصر على إلقاء اللوم على المهربين في تعريض حياة طالبي اللجوء للخطر، الأمر الذي تنتقده المنظمات الحقوقية مشددة على وجوب توفير طرق آمنة لطالبي اللجوء.
وفي منتصف شهر  جويلية الماضي، وقع الاتحاد الأوروبي اتفاقا مع تونس يتضمن التزام الاتحاد الأوروبي بدفع 105 ملايين يورو أخرى بالإضافة إلى 150 مليون يورو لدعم ميزانية تونس. كما وعدت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، بتقديم 900 مليون يورو على شكل قرض طويل الأجل.
ووصفت مديرة المجلس الأوروبي للاجئين (ECRE) كاثرين وولارد التعاون مع السلطات التونسية بأنه “نفاق” أوروبي، واعتبرت أنه “من المرجح أن تزيد الاتفاقية من انتهاكات حقوق الإنسان”، لا سيما عند الانخراط في “التدريب وتجهيز الأنظمة القمعية”.
بين الطرد ومنع الدخول إلى الأراضي الليبية
كما تواصلت الأنباء، خلال الأسابيع الماضية، حول استمرار السلطات التونسية بارتكاب الممارسات التي تخالف القوانين الدولية وتنتهك حقوق المهاجرين.
وفي الوقت نفسه، تصر السلطات الليبية على موقفها بأنها لن تسمح بدخول المهاجرين، وأكد المتحدث الرسمي باسم اللواء 19، علي والي “إحباط محاولات تسلل مهاجرين”، موضحا عمل السلطات على إبعاد من يحاول الدخول إلى الأراضي الليبية. وكان أشار إلى وصول 80 شخصا بينهم نساء وأطفال إلى الحدود الليبية بعد طردهم من تونس  اول أمس الخميس 3  اوت
وبسبب ذلك الوضع، يقبع مئات المهاجرين في ظروف متدهورة، ويعتمد بقاؤهم اليوم على المساعدات القليلة التي تمكنت المنظمات الإنسانية من إيصالها إليهم.
كيلفن، مهاجر نيجيري على تواصل مع فريق مهاجرنيوز منذ أن رحّلته السلطات من صفاقس إلى الصحراء في 11  جويلية  الماضي، يقيم قرب معبر رأس جدير برفقة حوالي 150 مهاجرا بينهم نساء وأطفال، في ثلاث خيام تبرع بها الهلال الأحمر الليبي. وبحسب الشاب الثلاثيني، فإن أحد أصدقائه توفي متأثرا بجراحه بعدما تعرض للضرب على يد القوات التونسية، وإن الجثة لا تزال معهم رغم أنها في حالة تحلل، ولم تقبل السلطات إزالتها.
مظاهرة في الصحراء
تلقت مجموعة المهاجرين قبل خمسة أيام بعض الطرود الإنسانية من الهلال الأحمر الليبي والمنظمة الدولية للهجرة، لكنها سرعان ما نفدت، وقال كيلفن “ليس لدينا ماء أو طعام، كثير من الناس مرضى ومن بينهم أطفال”، واستنجد عبر اتصال مع مهاجرنيوز بعدما تمكّن من شحن هاتفه المحمول بفضل أحد رجال الأمن الليبي.
ضاق الأمر بالمهاجرين ونظموا مظاهرة يوم الثلاثاء 1  اوت  للمطالبة بالعودة إلى تونس أو استقبالهم في مخيم للاجئين أو حتى المغادرة إلى أوروبا.
الجنود حذرونا من أنهم سيطلقون النار علينا إذا حاولنا عبور الحدود
على علب الكرتون والورق المقوى التي كانت وضعت فيها المنظمات المساعدات القليلة، كتب بعض المهاجرين شعارات بالإنجليزية والعربية ووقفوا أمام حرس الحدود التونسي ملوحين بلافتات مطالبين بإنهاء محنتهم وتقديم المساعدة لهم.
وبكلمات قليلة حاول أن يتغلّب فيها على اليأس، قال كيلفن “نحن هنا منذ ثلاثة أسابيع، ونتظاهر لأن السلطات تعاملنا مثل الحيوانات، ولا أحد يستجيب لمطالبنا”.
“أود أن أتمكن من العودة إلى تونس، فبعضنا لديه عائلة، وهناك من كان لديه عمل.. لكن الجنود حذرونا من أنهم سيطلقون النار علينا إذا حاولنا عبور الحدود. نحاول رفع صوتنا، لأننا لن نكون قادرين على القتال بأيدينا العارية ضد الجنود المسلحين”.

*المصدر: مهاجر نيوز

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.