الرئيسيةفي العالم

هل يقف بوتين وراء تجارب الأسلحة “الاستفزازية” التي تجريها كوريا الشمالية؟

وبحسب صحيفة “إندنبدنت” البريطانية، فإن من بين الاختبارات التي أجرتها بيونغ يانغ خلال آخر أسبوع، تلك المتعلقة بصواريخ كروز، والتي كان آخرها اليوم الجمعة.

وقال الجيش الكوري الجنوبي، الجمعة، إن كوريا الشمالية أطلقت عدة صواريخ كروز قبالة ساحلها الغربي، وهي المرة الرابعة خلال ما يزيد قليلا عن أسبوع التي تطلق فيها بيونغ يانغ مثل هذه الصواريخ.

وفي وقت سابق، ذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية، أن كيم أشرف بنفسه على اختبارات الصاروخ بعيد المدى “هواسال-2″، الذي يوصف بأنه سلاح “استراتيجي” أو ذو قدرة نووية، بمدى يصل إلى 1242 ميلاً (1998 كيلومترًا).

وأجرت كوريا الشمالية أيضا اختبارات متتالية لصاروخ “Pulhwasal-3-31” الذي تطلقه غواصات في 28  جانفي و24جانفي ، حيث قالت بيونغ يانغ إن صاروخيها حلقا لأكثر من ساعتين، وإن لهما “أهمية استراتيجية”.

سيول: كوريا الشمالية أطلقت عدة صواريخ كروز “استراتيجية”

ولم يشرف كيم على إطلاق “هواسال-2” فحسب، بل استعرض أيضًا “بناء غواصة تعمل بالطاقة النووية” وسفن حربية جديدة. وفي هذا الصدد وقالت وكالة الأنباء المركزية الرسمية إن زعيم البلاد دعا إلى “تسريع عملية التسلح النووي لقواتنا البحرية”.

“في خدمة الغزو الروسي”

لكن بعيداً عن الطموحات العسكرية لكوريا الشمالية، فإن الاختبارات المتكررة لصواريخ كروز على وجه الخصوص، يمكن أن تكون علامة على اتفاق أوسع بين موسكو وبيونغ يانغ لتسليم أسلحة متطورة بعيدة المدى يحتاجها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في حربه على أوكرانيا.

وقال آهن تشان إيل، المنشق الكوري الشمالي الذي تحول إلى باحث ويدير المعهد العالمي لدراسات كوريا الشمالية، لوكالة فرانس برس، هذا الأسبوع، إن نظام كيم يمكن أن ينفذ “إنتاجا ضخما لصواريخ كروز طلبتها روسيا”.

وفي نفس السياق، أوضحت المديرة المساعدة لشركة “دراغون فلاي” للاستخبارات، باربرا كيليمان، لصحيفة “إندبندنت”، أن “بيونغ يانغ ترى أن تجارة الأسلحة مع روسيا وسيلة لتعزيز إيراداتها”، مؤكدة أن مثل هذه الصواريخ “تخدم أيضًا أغراض كوريا الشمالية نفسها”.

تجارب نووية وتهديدات متصاعدة.. هل تريد كوريا الشمالية بدء الحرب؟
وتحتاج الصواريخ الموجهة إلى الخضوع لخمسة اختبارات ناجحة على الأقل قبل استخدامها في ساحة المعركة، ويمكن أن تكون هذه التجارب بهذا الغرض.

ونفت كل من بيونغ يانغ وروسيا اتهامات واشنطن وسيول بشأن عمليات نقل الأسلحة الكورية الشمالية إلى روسيا، وسط علاقاتهما المتجذرة التي جعلت كيم يصف روسيا بأنها “أقرب جار لنا”.

وأشارت كيليمان إلى أن تطوير كوريا الشمالية لصواريخ كروز جديدة، “لا يعني أنه سيتم شحنها على الفور إلى روسيا”، موضحة أنه بعد اكتمال الاختبارات “سيستغرق الأمر عدة أشهر على الأقل، حتى يتم استخدامها في ساحة المعركة”.

وحتى في هذه الحالة، فإن كوريا الشمالية “ستفكر في المخاطر التي تهدد أمنها القومي” بالدرجة الأولى، بحسب ذات الباحثة.

وإلى جانب تطوير صواريخ جديدة، دعا كيم مراراً في رسائل دعائية أخيرة، كوريا الشمالية إلى تحقيق حلمها في امتلاك قوة بحرية قوية، قادرة على نشر هذه الصواريخ.

ويقول الخبراء إن أمامها “طريق طويل” لتقطعه على هذه الجبهة، حيث يعتمد أسطولها الحالي على تكنولوجيا العصر السوفييتي القديم، ويفتقر إلى الدفع النووي المتقدم.

وفي هذا الصدد، أوضح المحلل الاستراتيجي المختص بالشؤون الاستخباراتية، كارل يوهان كارلستيدت، المقيم في سنغافورة، أن صواريخ كروز التي تطلق من الغواصات، “ستمنح بيونغ يانغ المدى اللازم لضرب أهداف أميركية وكورية جنوبية دون اكتشافها في حالة الهجوم”.

وقال لصحيفة “إندبندنت”، إن صاروخ كروز “Pulhwasal-3-31” – الذي نشرت كوريا الشمالية صوره هذا الأسبوع – قصير المدى، “لكن يمكن أن يكون له مدى أوسع في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، إذا تم إطلاقه من غواصة”.

وتابع: “يبدو أن صاروخ كروز هذا مصنوع في كوريا الشمالية، وهناك الكثير من الأسئلة بشأن مداه الحقيقي وقدراته التدميرية، لكن في ظاهر الأمر، فإنه يمنح بيونغ يانغ نطاقًا يصل إلى حوالي 1500-2000 كيلومتر، مما يضع أجزاء كبيرة من اليابان في مرمى أهدافه”.

“مبالغة في القدرات”

من جانبه، قال رئيس هيئة الأركان المشتركة في كوريا الجنوبية، لي سونغ جون، إن كوريا الشمالية “ربما تبالغ في قدراتها”.

وتابع: “كان مدى طيران صاروخ كروز الذي تم إطلاقه مؤخرا أقصر مقارنة بعمليات الإطلاق السابقة، ومع ذلك، فمن المفترض أن يهدف الإطلاق إلى تحسين مستوى مداه”.

ويرى كارلستيدت أنه “لا يزال أمام البحرية الكورية الشمالية طريق طويل لتقطعه،  لأنها لا تملك غواصات تعمل بالطاقة النووية”.

وتابع: “لديها قوة غواصات كبيرة لكن معظمها غواصات ساحلية، ولا يزال الطريق طويلاً أمام قوة غواصة استراتيجية كبيرة.. وهم يعتمدون في الغالب على التصميمات السوفيتية القديمة ذات القدرة المحدودة”، لافتا إلى أن بيونغ يانغ “لا تمتلك حقًا المعرفة والقاعدة الصناعية لتطوير قوة غواصات استراتيجية على نطاق واسع”.

وتمتلك كوريا الشمالية ما يقدر بنحو 70 إلى 90 غواصة تعمل بالديزل، مما يجعل أسطولها واحدًا من أكبر أساطيل الغواصات في العالم، وفقًا لتقارير نقلتها “إندبندت”.

ومع ذلك، فإن غالبية هذه السفن قديمة ومجهزة بشكل أساسي لإطلاق الطوربيدات والألغام.

وعلى عكس اختبارات الصواريخ الباليستية، لا توجد عقوبات من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ضد كوريا الشمالية بشأن اختبار صواريخ كروز، التي تستخدم عادةً للدفع النفاث وتطير على ارتفاعات أقل مقارنة بالصواريخ الباليستية، مما يجعل اكتشافها واعتراضها أكثر صعوبة.

ويقول الخبراء إن الغواصات التي تطلق الصواريخ من شأنها أن تزيد من التهديد البحري الذي تشكله كوريا الشمالية.

وقد تم تصميم هذه الأسلحة خصيصًا للتغلب على الدفاعات الصاروخية في كوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحدة.

وأضاف كارلستيدت: “تبحث الجارة الشمالية عن طريقة أخرى لإظهار كيف يمكنها إلحاق الألم بالعدو، فالأنظمة الصاروخية الأرضية محدودة ومن السهل على الكوريين الجنوبيين والولايات المتحدة استهدافها وتدميرها”.

ونبه كارلستيدت إلى أن “الغوصات المسيرة تحت الماء وصواريخ كروز التي تطلق من الغواصات، تمنح الكوريين الشماليين أسلحة يصعب اكتشافها”.

وزاد: “يمكن للغواصات النووية المسيرة أن تدمر الموانئ ومواقع الإنزال التي ستحتاجها الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية في حالة نشوب حرب مع الشمال”.

وإلى جانب المخاوف من احتمال استخدام صواريخ كوريا الشمالية ضد أوكرانيا، كانت هذه الاختبارات سبباً في تفاقم التوترات في شبه الجزيرة الكورية، في وقت كانت فيه التوترات مشحونة بالفعل.

وتخلى كيم مؤخراً عن هدف كوريا الشمالية المعلن المتمثل في إعادة الوحدة سلمياً مع كوريا الجنوبية، وأعلن أن جارته هي “العدو الرئيسي” لبلاده. وأمر بتغيير الدستور ليشمل التصنيف الجديد لكوريا الجنوبية، وطلب تفكيك النصب التذكاري الضخم لإعادة التوحيد (قوس إعادة التوحيد) في العاصمة بيونغ يانغ.

وفي هذا المنحى، قال ليف الأستاذ في جامعة إيوها في سيول، إيريك إيسلي، لصحيفة إندبندنت، إن البلدين المعزولين (روسيا وكوريا الشمالية) “يمثلان الجغرافيا السياسية للحرب الباردة الثانية”.

وأضاف: “الدبلوماسية رفيعة المستوى بين بيونغ يانغ وموسكو تشير إلى أننا لم نشهد بعد نهاية تعاونهما العسكري والاقتصادي المتوسع”.

ومن المرجح أن يوفر نظام كيم المزيد من الذخيرة لحرب بوتين غير الشرعية في أوكرانيا، في حين تستخدم روسيا حقها في النقض داخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لدعم الأسلحة والتكنولوجيات الصناعية الكورية الشمالية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.