اول الكلام

فوزي البدوي يكتب:لهذا السبب كان بورقيبة زعيما ..عظيما

نشر الدكتور فوزي البدوي  استاذ الدراسات  اليهودية في الجامعة التونسية تدوينة عن الحبيب بورقيبة على صفحته الفيسبوكية، نعيد نشرها لأاهميتها
ذكر المرحوم الحبيب شييبوب في كتابه أحاديث وذكريات عن بورقيبة أنّ الزعيم كان يستدعيه بدون سابق إعلام ليتطارح معه في مواضيع أدبيّة وذكر أنه :” في مرّة من المرّات بعث في طلبي ولمّا حضرتُ بين يديه قال لي أنّه معجب كلّ الإعجاب بلاميّة الشنفرى.ولا مية الشنفرى معروفة ومدروسة في المعاهد ومطلعها :
أقيموا بني أمّي صدور مطييّكم فإنّى إلى قوم سواكم لأمْيل
وكان يحفظ هذا القصيد ويردّد أبياته رغم تطاول الزمن على حفظه وظللنا نتحادث عن الشعراء الصعاليك وعن الشنفرى وعن دورهم في الأدب العربي والبطولة والكرم إلخ.
..وفي أثناء الحديث قلتُ له إنّ هذه القصيدة لها شبيهة لها في الشهرة وإن كانت بعيدة عنها في الزمان هي لاميّة العجم وهو يحفظ ربّما أكثر أبياتها فلمّا قلت له لامية العجم بادرني بقوله أصالة الرأي.فواصلت أنا
صانتكم عن الخطل
وأصل البيت
أصالة الرأي صانتني عن الخطل
وحيلة الفضل زانتني عن العطل
فلمّا نطق هو أصالة الرأي تأدّبا وتقديرا له أتممتُ
زانتكم عن العطل فطلب منّ مواصلة الإنشاد فقلت :
فيم الإقامة بالزوراء لاسكنى بها ولا ناقتي لي فيها ولاجملي
إلى أن وصلت إلى قول الشاعر :
ما كنت أحسب أن يمتدّ بي زمني حتى أرى دولة الأوغاد والسفل
تجاوزت هذا البيت تأدّبا فقال لي :لا هنالك بيت ربّما تجاوزته فقلت له أنا أحفظ هذا القصيد هكذا فظلّ يحاول أن يتذكّر هذا البيت أو أتلوه أنا على الأقلّ فأصْررتُ على أنّي لا أحفظ هذا البيت ولمّا رأيته مصرّا على استذكار هذا البيت الذي تجاوزته خرجتُ من المأزق بحيلة إذ قلتُ له إنّه بالإضافة إلى اللاميتين هنالك لاميّة “ابن الوردي”فسألني عنها فقلت له هي لاميّة معروفة ومطلعها
اعتزل ذِكر الأغاني والغزل وقُلِ الفضل وجانب من هَزل
ودَع الذِكرى لأيام الصبا فلأيّام الصبا نجم أَفَلْ
..
Peut être une image de 1 personne
فقال لي رحمه الله أنّه لم يسمع بهذه اللاميّة وطلب منّي أن أواصل الإنشاد فظللتُ أنشد حتّى قلتُ :
لا تقل أصل وفصلي يا فتى إنّما أصل الفتي ما قد حصل
فسألني عن الفرق بين الأصل والفصل فذكرت له أنّ الأصل معروف وأمّا الفصل هو البيان وفصاحة اللسان حتّى وصلت إلى قول الشاعر:
ليس يَخْلو المرء من ضِدّ ولو حاول العَزْل في رأس جبل
إنّ نِصف الناس أعْداء لمَنْ وُلِّيَ الحُكْم هذا إن عَدَلْ
فطلب منّي أن أعيد هذا البيت مرّتين وفي المرّة الثانية ضرب بيده على المكتب وقال “هذا أن عدل …هذا إن عدل”
هذا هو بورقيبة باني الدولة الحديثة فقد كان شغوفا بالأدب والمسرح والتاريخ ولذلك استحق الزعامة ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.