الرئيسيةسبور

الدكتور في الإيقاف، هل هي نهاية حكم” ديكتاتور “كرة القدم التونسية؟

دفع أعضاء مكتب اتحاد كرة القدم في تونس، يوم الخميس، ببراءة رئيسه وديع الجريء، من تهمة الفساد الموجهة اليه(استنادا الى الفصل 96 من المجلة الجزائية) ، بعد يوم من إيقافه وتحويله للتحقيق من قبل السلطات القضائية.

 

وأوقف الجريء يوم الأربعاء الماضي ، بسبب شبهة فساد تتعلق بتوقيع عقد مع مدير رياضي سابق، على غير الصيغ القانونية، في قضية قامت بتحريكها وزارة الشباب والرياضة ضده.

وينص الفصل 96 من  المجلة الجزائية على” يعاقب بالسجن مدة عشرة أعوام وبخطية تساوي قيمة المنفعة المتحصل عليها أو المضرة الحاصلة للإدارة الموظف العمومي أو شبهه وكل مدير أو عضو أو مستخدم بإحدى الجماعات العمومية المحلية أو الجمعيات ذات المصلحة القومية أو بإحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الصناعية والتجارية أو الشركات التي تساهم الدولة في رأس مالها بصفة مباشرة أو غير مباشرة بنصيب ما أو الشركات التابعة إلى الجماعات العمومية المحلية مكلّف بمقتضى وظيفه ببيع أو صنع أو شراء أو إدارة أو حفظ أي مكاسب استغلّ صفته لاستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه أو لغيره أو للإضرار بالإدارة أو خالف التراتيب المنطبقة على تلك العمليات لتحقيق الفائدة أو إلحاق الضرر المشار إليهما

 وقال أعضاء مكتب جامعة كرة القدم، في بيان صدر يوم الخميس، أن العقد موضوع الشكوى “قد أبرم طبق نفس الصيغ والإجراءات والتراتيب عند إمضاء عقود المديرين الفنيين السابقين على امتداد ما يزيد عن 20 سنة“.

وهي حجة ضعيفة لان   تداول ممارسة غير قانونية لا يعطي مرتكبها حصانة قانونية، فلو قام احدهم بتجاوز اشارة المرور “ضوء احمر”  وحين اراد الشرطي  تحرير مخالفة ضده يحتج المخالف بان جل السواق لا يحترمون اشارات المرور؟؟؟

وأوضح المكتب الجامعي الذي لا يسمع له عادة أي صوت  أن العقد “تمت المصادقة عليه من قبل وزارة الشباب والرياضة منذ ديسمبر 2020“.

ويرأس الجريء، اتحاد الكرة في تونس منذ 2012، وسمح له تعديل قانوني من الاستمرار في ولاية ثالثة تنتهي في 2024 كما يسمح له بالترشح لولاية خامسة  وسيكون بوسعه  مواصلة حكم الجامعة ومن فيها وما جاورها  الى غاية عام 2030

ونجح وديع الجريء، خلال ولاياته المتتالية في إنعاش خزينة الاتحاد التونسي،  وقد افادنا مصدر مطلع بان خزينة الجامعة  تحتوي على ما يقارب 100 مليارا ،  غير ان السؤال  في أي اغراض صرفت هذه الاموال؟  وما هو النفع الذي عاد على كرة القدم في بلادنا ؟

في السياق نفسه كشف  الصحفي  الفرنسي” رومان مولينا”  ان وديع الجري   تنتظره 6 ملفات اخرى محل نظر القضاء في تونس

 

وداب مولينا منذ عام 2019 على نشر وثائق تتعلق بملفات مثيرة للريبة في جامعة الجري لكرة القدم  من بينها  ملف   مباراة كاس السوبر  التي اجريت بقطر  وما تعلق باتحاد بنقردان الجمعية الام للجري والتي مازال شقيقه وجيه رئيسها الشرفي  بعد ان كان رئيسا مباشرا   وفتحت القضية في فرنسا وشملت  افرادا من عائلة الجري بمن في ذلك ابنه، ولم تجرؤ أي وسيلة اعلامية في تونس على تناول القضية ، بل ان احد ابرز البرامج الاستقصائية في التلفزيون انجز تحقيقا حول القضية ولم يبث  لاسباب غامضة

 وكان  القضاء الفرنسي ا اوقف  عام 2019  ثلاثة تونسيين -بينهم ابن شقيق رئيس لجنة التحكيم في الاتحاد التونسي لكرة القدم هشام قيراط – للتحقيق معهم بضلوعهم في مراهنات غير مشروعة تخص مباراة اتحاد بن قردان ونجم المتلوي التي دارت يوم 7  افريل  2019.

ورغم تهاطل ردود الأفعال في وسائل الإعلام ومنصات التواصل بشأن القضية فإن الاتحاد التونسي للعبة اكتفى بالرد على الاتهامات من خلال تصريح مقتضب للمتحدث الإعلامي قيس رقاز الذي نفى أي صلة لاتحاد الكرة بالإيقافات التي طالت ثلاثة تونسيين مقيمين في فرنسا.

وردا على اتهامات بوجود ابن رئيس اتحاد الكرة ضمن الموقوفين، قال رقاز في حديث لقناة “تونسنا” التلفزيونية الخاصة إن “كل الشائعات التي حامت حول ضلوع رئيس الاتحاد وديع الجريء في قضية المراهنات افتراءات لا أساس لها من الصحة“.

وذكرت تقارير إعلامية مختلفة أن أحد المتهمين اعترف بكونه يعلم مسبقا بنتيجة المباراة، مما دفعه إلى تخصيص مبلغ كبير للمراهنة، في وقت تضاعفت الشكوك بشأن وجود شبهات بالتلاعب في مباريات عدة بالدوري.

وكانت مباريات الدوري التونسي في السنوات الأخيرة محل اتهامات بالتلاعب وشراء ذمم الحكام واللاعبين، ففي 2013 أوقفت الأجهزة القضائية لاعبين ومسؤولا من فريقي شبيبة القيروان والنادي البنزرتي بناء على تسجيلات صوتية بالإعداد للتلاعب بنتيجة مباراة بين الفريقين.

وفي 2017 فتح اتحاد الكرة تحقيقا داخليا في محاولة مسؤول بنادي الملعب القابسي شراء ذمم ثلاثة لاعبين من منافسه مستقبل قابس، لكنه أغلق الملف قبل صدور نتائج التحقيق،  كما  رفعت إدارة النجم الساحلي شكوى إلى فيفا للمطالبة بالتحقيق في ما اعتبرته شراء ذمة حكم مباراتها أمام الترجي التونسي.

و اثار  “مولينا ” في فيديو نشره على قناة اليوتيوب الشخصية  ملف ارتداء لاعبي المنتخب لازياء مقلدة في كاس العالم 2018 وكيف تم التلاعب بالتذاكر المخصصة لعائلات لاعبي المنتخب وترويجها من طرف جامعة الجري

 وقال مولينا   ان الجريء خلق  منظومة متكاملة اشترك فيها الجميع غير انه تصادم مع الرئيس الحالي قيس سعيد –رغم محاولات تبييض صورة الجريء امام الرئيس-  و” تخويف” الرئيس من خسارة القاعدة الانتخابية للجريء في ربوع الجنوب الشرقي وكان مواطني تلك المنطقة ياتمرون باوامره العلية 

و يعرف المتابعون للشان الرياضي في تونس ان الجري شيد طيلة عشر سنوات شبكة عنكبوتية من الحلفاء خلق بهم ما يوصف بالسيستام  محليا ودوليا يشمل الجميع صحافيين ورياضيين وسياسيين وفاعلين في القرار الامني والقضائي وداخل احهزة الدولة وفي الاحزاب وفي كل مكان   ، فقد ساند الجريء علنا يوسف الشاهد في انتخابات الرئاسة 2019 ويتردد انه كان مسؤول الحملة في الجنوب الشرقي، ورد الشاهد التحية بترشيح الجريء لرئاسة الحكومة، كما حظي وديع الجريء  بدعم الكاتبة العامة السابقة للفيفا فاطمة سامورا التي كانت غطاء له والعصا التي يلوح بها  عند كل تحرك محتمل  من وزارة الشباب والرياضة

ولا يتسع المجال لسرد قصص الجري مع التلفزيون التونسي الذي امتنع عن نقل مباريات الدوري التونسي بسبب   ممارسات الجريء ، الذي سلط ضغوطا على التلفزة في رئاسة الحكومة للترفيع من قيمة العقد  وهو ما خضغت له التلفزة مكرهة لتجد نفسها تواجه برمجة عشوائية  مواقيت للمباريات بلا منطق، كما حرم الجريء التلفزة من  نصيبها من  عائدات بيع المباريات لقناة الكأس القطرية، ومنع الجري التلفزة من بث اي هدف على وسائطها الرقمية ،  دون ان نغفل عن استهداف الجري لهلال الشابة حتى اطمان على الهلال  خارج  بطولة المحترفين  بعد نزاعات قضائية دولية  متشعبة 

 وقد تمكن الجريء من قطع الطريق امام العضو التونسي السابق في الاتحاد الافريقي وفي الفيفا طارق بوشماوي  بالامتناع عن تزكية ترشحه لرئاسة الاتحاد الافريقي لكرة القدم  ليترشح بدلا عنه لا لرئاسة الاتحاد الافريقي ولكن  ليكتفي بكرسي في اخر القاعة،     عضوا دون اهمية تذكر في  الكاف يرتع فيها فوزي لقجع ،  ، ويرى مراقبون ان قرار الاطاحة ببوشماوي  كان  محل توافق من  بعض مراكز القوى  من داخل الفيفا ومن بعض مراكز النفوذ في الكاف لان بوشماوي اصبح مصدر ازعاج للمنظومة، فالرجل لا يلف سيرته أي غموض وذمته المالية  ناصعة البياض ولا يتردد في  التصريح بمواقفه دون خجل من أي كان،   وليس من الصنف الذي ينتظر مكافاة ” الكاف” –اكثر من 400 دولار في اليوم الواحد خلال المهمات الرسمية- بل كان يتعامل باستقلالية عن كل المغريات ولا يمكن لاي طرف اخضاعه  ان لم يكن مقتنعا  برايك ورؤيتك، لذلك كان لزاما ان يمنع بوشماوي من الاستمرار في الفيفا ، وكوفئ الجريء بعضوية لا “تهش ولا تنش”  ، ووجد في كتائبه  الاصوات والاقلام والحناجر المروجه له  خير نصير ومساند للمنافحة عنه  بمناسبة ودونها

ويعود  الاحتفاظ بالجري الى  ملف  المدير الفني السابق الصغير زويتة  خالفت فيه الجامعة  الاجراءات المتبعة وهو ما حدا بقاضي التحقيق العاشر بالمحكمة الابتدائية بتونس  الى  الاحتفاظ بالجري    

 وسبق  اصدار بطاقة الايداع ضد الجري الاطاحة بعدد من المقربين منه  من رؤساء الاندية   ومن بينهم  وليد جلاد رئيس مساقبل سليمان  ومحمد علي العروي رئيس  نادي الرجيش-وكلاهما مودع بالسجن-  وقبلهما  عبد السلام   السعيداني رئيس  النادي البنزرتي  المتحصن  بالفرار خارج البلاد

 وكانت منظمة انا يقظ اثارت عدة ملفات فيها شبهات فساد ضد وديع الجريء من بينها ” ازياء المنتخب”  خلال كأس العالم 2018  ونشرت ” انا يقظ”  تحقيقات شاملة في الغرض من بين ما جاء فيها”  ما لا يعرفه النشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي أن صفقة اقتناء هذا الزي وغيره من الأزياء السابقة كانت محل شبهة فساد. ولا تزال صفقة اقتناء زي المنتخب غامضة خاصة إن سلطة الاشراف ممثلة في وزارة الشباب والرياضة لا تمتلك أي نسخة من الصفقات المبرمة.

تم التعاقد مع شركة “أل سبور– UHLSPORT” الألمانية قبيل كأس العالم ووفرت هذه الشركة أزياء المنتخب الوطني التي لعب بها خلال فعاليات كأس العالم روسيا 2018 في صفقة بلغت قيمتها الجملية مليونا وخمسمائة ألف دينار تمنح للجامعة التونسية لكرة القدم في شكل أزياء و معدات رياضية، ; وهو ما يعادل ضعف المبلغ الذي تنفقه النوادي التونسية على المعدات والملابس، مع العلم بأن الفرق الوطنية تلعب قرابة الثلاثين مباراة كل موسم، بينما عادة ما يخوض المنتخب الوطني 9 مباريات فقط بكل موسم، وهو ما يطرح نقاط استفهام حول قيمة الصفقة و كيفية التصرف فيها.

 وقد أثار زي لاعبي المنتخب موجة كبيرة من السخرية من متابعي الساحرة المستديرة في كافة انحاء العالم سواء من ناحية التصميم والألوان أو من ناحية فاعلية القميص وجودته. وبلغ الأمر حد اختيار قميص المنتخب الوطني التونسي كأسوأ قميص في المونديال من طرف صحيفة ماركا الاسبانية يوم 7 جوان 2018.

  وبالرغم من إمضاء العقد مع الشركة نفسها الا أن التزويد لم يتم عبر ألمانيا بل تم عبر وسيط في تونس وهو شركة سبورتاك التي ترجّح بعض المصادر وجود قرابة بين مديرها ورئيس الجامعة التونسية لكرة القدم، فضلا عن استغلال هذا الوسيط لصفقته مع الجامعة التونسية لكرة القدم للتمتع بإعفاء ديواني عند توريد كافة الملابس والمعدات الرياضية المعروضة بمحله التجاري عوض الاقتصار على الاعفاء الديواني للأزياء الرياضية محل الصفقة مع الجامعة، وهي القطرة التي أفاضت كأس وزيرة الشباب والرياضة السابقة ماجدولبن الشارني، ما دفعها الى التدخل لدى كل من وزارة المالية والديوانة لايقاف هذا التجاوز القانوني، فضلا عن مطالبة الجامعة بإخضاع كافة الصفقات الى طلب عروض انسجاما مع القوانين المنظمة للصفقات العمومية.

كما تطرّقت ماجدولين الشارني في مراسلة لها الى الجامعة الدولية لكرة القدم الى التجاوزات المتصلة بالإعفاءات الديوانية في صفقة اقتناء الزي التونسي

ومع نهاية المونديال وعقب تشكيات لاعبي المنتخب، أعلنت الجامعة التونسية لكرة القدم ممثلة في رئيسها وديع الجريء بأنه تقرّر فسخ العقد مع الشركة الألمانية ”ال سبور” مع منح العقد لشركة معروفة عالميا في مجال صناعة الملابس والمعدات الرياضية. وبالفعل تم التخلي عن خدمات شركة ال سبور والتعاقد مع شركة ”كابا– kappa”،

ولدى امضاء العقد الجديد مع شركة ”كابا” تبين ان وكيلها هو نفسه مدير ومؤسس شركة ”سبورتاك”. ولا أحد يعرف قيمة العقد الذي قد يساوي أو يفوق قيمة العقد السابق أي مليون وخمسمائة ألف دينار و لم توضح الجامعة ما ان كانت تلقت قيمة العقد في شكل أموال أو معدات.

ويبقى السؤال المطروح لماذا تم التعامل مع نفس الشركة التي كانت وراء صفقة مع ماركة غير معروفة وذات جودة سيئة بشهادة اللاعبين وأعضاء الجامعة أنفسهم ؟

مصادر موثوقة صرحت لأنا يقظ بأن مبلغ الصفقة يفوق المليار وخمسمائة ألف دينار لأن رئيس الجامعة وديع الجريء اقتنى كميات من الازياء والمعدات تفوق حاجة المنتخب الوطني وذلك قصد توزيع هذه المعدات على الفرق التي أبدت ولاءها لرئيس الجامعة كي يكسب أصواتها في الجلسات الانتخابية.

كما صرح نفس المصدر بأن وديع الجريء لم ولن يمكن مصالح وزارة الشباب والرياضة من العقد المبرم بين الجامعة وشركة ”كابا” بتعلة أن تلك الأموال هي أموال مستشهرين ولا علاقة لها بوزارة الشباب والرياضة، وهو ما تأكدت منه منظمة أنا يقظ باتصالها بوزارة الشباب والرياضة التي نفت توفر نسخة من العقد المذكور لديها.

وقد لقيت ماجدولين الشارني نفس مصير طارق ذياب – اشتكاه الجري لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي المودع بالسجن حاليا -عند توليها للوزارة بعد خلافها مع وديع الجريء بالرغم من انها قد كانت مدعومة من حزب نداء تونس-  ومن مؤسسه رئيس البلاد  الباجي قائد لسبسي-  

فهل يكون الاحتفاظ بالجريء بداية نهاية  سلطان الدكتور  على كرة القدم في تونس؟

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.